وَأَمَّا حُرِّيَّةُ الْوَلَدِ فَهُوَ حُرٌّ؛ لِأَنَّهُ لَحِقَ بِهِ عَنْ شُبْهَةِ مِلْكٍ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَكُونُ مَمْلُوكًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُلْحِقْهُ بِهِ.
وَأَمَّا قِيمَةُ الْوَلَدِ فَتُعْتَبَرُ بِحَالِ الْأُمِّ فِيمَا يَسْتَقِرُّ لَهَا مِنْ حُكْمٍ، وَالْأُمُّ قَدْ أَحْبَلَهَا فِي شُبْهَةِ مِلْكٍ، وَوَلَدُ الْمَمْلُوكَةِ يَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ قَدْ تَكَرَّرَتْ فِي كَثِيرٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ:
أَحَدُهَا: مَا تَصِيرُ بِهِ الْمَمْلُوكَةُ أُمَّ وَلَدٍ، هُوَ أَنْ تَلِدَ حُرًّا مِنْ مَالِكٍ كَالسَّيِّدِ.
وَالثَّانِي: مَا لَا تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، وَهُوَ أَنْ تَلِدَ مَمْلُوكًا مِنْ غَيْرِ مَالِكٍ كَالزَّوْجِ
وَالثَّالِثُ: مَا اخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِيهِ، وَهُوَ أَنْ تَلِدَ حُرًّا مِنْ غَيْرِ مَالِكٍ كالحر إذا وطىء أَمَةَ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ فَلَا تَكُونُ قَبْلَ أَنْ يملكها الواطىء أُمَّ وَلَدٍ، وَهَلْ تَصِيرُ لَهُ بَعْدَ مِلْكِهَا أُمَّ وَلَدٍ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: تَصِيرُ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ، قَالَهُ فِي كِتَابِ حَرْمَلَةَ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا تَصِيرُ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ، قَالَهُ فِي كِتَابِ الْأُمِّ، وَهَذِهِ الْجَارِيَةُ المسبِيَّةُ قَدْ وَلَدَتْ حُرًّا فِي شُبْهَةِ مِلْكٍ، وَلَهَا حَالَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ قِسْمَتِهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ.
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ تَكُونَ بَعْدَ قِسْمَتِهَا بَيْنَ الْقَبَائِلِ.
فَأَمَّا الْحَالُ الْأُولَى فَهِيَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ قِسْمَتِهَا فِي الْغَانِمِينَ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ أَنْ يَطَأَهَا بَعْدَ السَّبْيِ، وَقَبْلَ أَنْ يَتَعَيَّنَ فِيهَا حَقُّ أَحَدٍ مِنَ الْغَانِمِينَ، فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكْثُرَ عَدَدُ الْغَانِمِينَ حَتَّى لَا يَنْحَصِرَ حَقُّ الواطىء مِنْ هَذِهِ الْجَارِيَةِ، فَيَكُونَ وَاطِئًا لِجَارِيَةٍ لَمْ يَمْلِكْهَا، وَلَا مَلَكَ شَيْئًا مِنْهَا، وَإِنَّمَا لَهُ فِيهَا شُبْهَةُ مِلْكٍ، وَهُوَ أَنَّهُ يَمْلِكُ مِنْهَا فِي الْحَالِ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا فِي ثَانِي حَالٍ، فَهَلْ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِحَبْلِهَا إِذَا مَلَكَهَا أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، فَعَلَى هَذَا قَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ تُقَوَّمُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْوِلَادَةِ لِأَجْلِ عُلُوقِهَا مِنْهُ بِحُرٍّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: لَا تُقَوَّمُ عَلَيْهِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا، سَوَاءٌ قِيلَ: إِنَّهَا تَصِيرُ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ إِذَا مَلَكَهَا أَمْ لَا؟ كَمَا لَا تُقَوَّمُ عَلَيْهِ أَمَةُ غَيْرِهِ إِذَا أَحْبَلَهَا بِشُبْهَةٍ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ عَلَيْهِ قِيمَةُ وَلَدِهَا إِذَا وَضَعَتْهُ، فَإِنْ قُسِّمَتْ فَصَارَتْ فِي سَهْمِهِ، فَهَلْ تَصِيرُ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ أَمْ لَا؟ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْقَوْلَيْنِ:
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تُقَوَّمُ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ قِيلَ: إِنَّهَا تَصِيرُ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ إِذَا مَلَكَهَا أَمْ لَا؟ لِأَنَّهَا حَامِلٌ مِنْهُ بِحُرٍّ، وَفِي قَسْمِهَا قَبْلَ وِلَادَتِهِ ضَرَرٌ عَلَى وَلَدِهِ، وَفِي تَأْخِيرِهَا إِلَى الْوِلَادَةِ ضَرَرٌ عَلَى الْغَانِمِينَ فَوَجَبَ أَنْ تُؤْخَذَ بِقِيمَتِهَا؛ لِأَجْلِ الضَّرَرِ الْحَادِثِ عَنْ فِعْلِهِ، فَإِنْ