للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أَنْ يَدْخُلُوا فِيهِ قَبْلَ تَبْدِيلِهِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَدْخُلُوا فِيهِ بَعْدَ نَسْخِهِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَدْخُلُوا فِيهِ بَعْدَ تَبْدِيلِهِ وَقَبْلَ نَسْخِهِ.

فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ أَنْ يَدْخُلُوا فِيهِ قَبْلَ تَبْدِيلِهِ: فَهُمْ مُقَرُّونَ عَلَيْهِ بِالْجِزْيَةِ كَالدَّاخِلِ فِيهِ عَلَى عَصْرِ نَبِيِّهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ أَبْنَاؤُهُمُ الْآنَ مُبدلِينَ أَوْ غَيْرَ مُبَدِّلِينَ، لِأَنَّ لَهُمْ حُرْمَتَيْنِ إِنْ لم يبدلوا وحرمة واحدة عن بَدَّلُوا، لِأَنَّ دِينَهُمْ عَلَى حَقٍّ بَعْدَ مَوْتِ نَبِيِّهِمْ كَمَا كَانَ عَلَى حَقٍّ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَاسْتَوَتْ حُرْمَةُ الدُّخُولِ فِيهِ مِنَ الْحَالَيْنِ:

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ يَدْخُلُوا فِيهِ بَعْدَ نَسْخِهِ، وَبَعْدَ نَسْخِ شَرِيعَةِ عِيسَى فِي النَّصْرَانِيَّةِ بِشَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ.

فَأَمَّا نَسْخُ شَرِيعَةِ مُوسَى فَفِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ.

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا تَكُونُ مَنْسُوخَةً بِالنَّصْرَانِيَّةِ - شَرِيعَةِ عِيسَى - وَهُوَ أَظْهَرُهَا، لِاخْتِلَافِهِمَا وَأَنَّ الْحَقَّ فِي أَحَدِهِمَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أنها منسوخة بشريعة الإسلام دون النصرانية ولأن عِيسَى نَسَخَ مِنْ شَرِيعَةِ مُوسَى مَا خَالَفَهَا، وَلَمْ يَنْسَخْ مِنْهَا مَا وَافَقَهَا، وَإِنَّمَا نَسَخَ الْإِسْلَامُ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَهُ مِنَ الشَّرَائِعِ.

فَإِذَا ثَبَتَ مَا نَسَخَ بِهِ كُلَّ شَرِيعَةٍ، فَمَنْ دَخَلَ فِي دِينٍ بَعْدَ نَسْخِهِ لَمْ يُقَرَّ عَلَيْهِ، لِعَدَمِ حُرْمَتِهِ عِنْدَ دُخُولِهِ فِيهِ، فَصَارَ كَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ فِي عَدَمِ الْحُرْمَةِ.

وَقَالَ الْمُزَنِيُّ: يُقَرُّ الدَّاخِلُ فِيهِ بَعْدَ نَسْخِهِ كَمَا يُقَرُّ الدَّاخِلُ فِيهِ قَبْلَ نَسْخِهِ وَتَبْدِيلِهِ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: ٥١] . وَهَذَا فَاسِدٌ بِمَا عَلَّلْنَا بِهِ مِنْ عَدَمِ الْحُرْمَةِ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ.

وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ منكم فإنه منهم} يَعْنِي فِي وُجُوبِ الْقَتْلِ، لِأَنَّ مَنْ تَوَلَّاهُمْ مِنَّا مُرْتَدٌّ لَا يُقَرُّ عَلَى رِدَّتِهِ.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ يَدْخُلُوا فِيهِ بَعْدَ التنزيل وقبل النسخ، فعلى ثلاثة أقسام:

أحدهما: أَنْ يَدْخُلُوا فِيهِ مَعَ غَيْرِ الْمُبَدِّلِينَ مِثْلَ الروم، فيكونوا كَالدَّاخِلِ فِيهِ قَبْلَ التَّبْدِيلِ فِي إِقْرَارِهِمْ بِالْجِزْيَةِ وَنِكَاحِ نِسَائِهِمْ وَأَكْلِ ذَبَائِحِهِمْ، لِأَنَّ حُرْمَتَهُ فِي غَيْرِ الْمُبَدِّلِينَ ثَابِتَةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>