للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ غَيْرُهُ، جَبَلُ السُّرَاةِ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَهُوَ أَعْظَمُ جِبَالِهَا يُقْبِلُ مِنْ ثُغْرَةِ الْيَمَنِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى وَادِي الشَّامِ فَمَا دُونَ هَذَا الْجَبَلِ فِي غَرْسِيَّةَ مِنْ أَسْيَافِ الْبَحْرِ إِلَى ذَاتِ عِرْقٍ، وَالْجُحْفَةِ هُوَ تِهَامَةُ، وَمَا دُونَ هَذَا الْجَبَلِ فِي شَرْقِيِّ مَا بَيْنَ أَطْرَافِ الْعِرَاقِ إِلَى السَّمَاوَةِ، فَهُوَ نَجْدٌ.

وَأَمَّا الْحِجَازُ فَهُوَ حَاجِزٌ بَيْنَ تِهَامَةَ وَنَجْدٍ، وَهُوَ مِنْهُمَا، وَحَدُّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ مَا احْتَجَزَ بِالْجَبَلِ فِي شَرْقِيِّهِ وَغَرْبِيِّهِ عَنْ بِلَادِ مَذْحِجَ إِلَى فَيْدَ.

وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ اثنا عَشْرَةَ دَارًا لِلْعَرَبِ.

فَالْحَدُّ الْأَوَّلُ: بَطْنُ مَكَّةَ، وأعلا رُمَّةَ، وَظَهْرُهُ وَحَرَّةُ لَيْلَى.

وَالْحَدُّ الثَّانِي: يَلِي الشَّامَ شَفْى وَبَدَا، وَهُمَا جَبَلَانِ.

وَالْحَدُّ الثَّالِثُ: يَلِي تِهَامَةَ بَدْرٌ، وَالسُّقْيَا، وَرِهَاطُ، وَعُكَاظُ.

وَالْحَدُّ الرَّابِعُ: سَاكَةُ وَوَدَّانُ.

وَاخْتُلِفَ فِي تَسْمِيَتِهِ بِالْحِجَازِ، فَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ، لِأَنَّهُ حَجَزَ بَيْنَ نَجْدٍ وَتِهَامَةَ.

وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: سُمِّيَ حِجَازًا لِمَا أَحْجَزَ مِنَ الْجِبَالِ وَأَمَّا غَيْرُ الْحِجَازِ فَضْلٌ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ، فَمَنْ دَخَلَهَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِغَيْرِ ذِمَّةٍ وَلَا عَهْدٍ فَهُوَ حَرْبٌ كَالْأَسْرَى يُغْنَمُ وَيُسْبَى، وَيَكُونُ الْإِمَامُ فِيهِ مُخَيَّرًا كَتَخْيِيرِهِ فِي الْأَسِيرِ بَيْنَ الْأَحْكَامِ الْأَرْبَعَةِ مِنَ الْقَتْلِ أَوِ الْأَسْرِ أَوِ الْمَنِّ أَوِ الْفِدَاءِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَعْفُوَ مِنْ سَبْيِ ذُرِّيَّتِهِ بِخِلَافِ السَّبَايَا فِي الْحَرْبِ؛ لِأَنَّ الْغَانِمِينَ قَدْ مَلَكُوهُمْ؛ فَلَا يَصِحُّ العفو عنهم إلا بإذنهم، وَذُرِّيَّةُ هَذَا الدَّاخِلِ بِغَيْرِ عَهْدٍ لَمْ يَمْلِكْهُمْ أحد، فجاز فوق الْإِمَامِ.

فَأَمَّا مَنْ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ، فَضَرْبَانِ: أَهْلُ ذِمَّةِ، وَأَهْلُ عَهْدٍ.

فَأَمَّا أَهْلُ الذِّمَّةِ، فَهُوَ الْمُسْتَوْطِنُ، وَلَا يَجُوزُ اسْتِيطَانُهُمْ إِلَّا بِجِزْيَةٍ إِذَا كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ، أَوْ شُبْهَةِ كِتَابٍ.

وَأَمَّا أَهْلُ الْعَهْدِ، فَهُوَ الدَّاخِلُ إِلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ اسْتِيطَانٍ، فَيَكُونُ مَقَامُهُمْ مَقْصُورًا عَلَى مُدَّةٍ لَا يَتَجَاوَزُونَهَا، وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة: ٢] .

فَأَمَّا مُدَّةُ سَنَةٍ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقِيمُوهَا إِلَّا بِجِزْيَةٍ، وَفِي جَوَازِ إِقَامَتِهِمْ بِغَيْرِ جِزْيَةٍ فِيمَا بَيْنَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَبَيْنَ سَنَةٍ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ لِأَنَّهَا دُونَ السَّنَةِ كالأربعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>