فَلَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ نَقْضًا لِعَهْدِهِمْ، وَإِنْ كَانَ سَبًّا، وَلِأَنَّ قَوْلَهُمْ: إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ أَعْظَمُ مِنْ شَتْمِهِمُ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثُمَّ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ نَقْضًا لِعَهْدِهِمْ، فَهُوَ أَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ نَقْضًا لِعَهْدِهِمْ.
وَدَلِيلُنَا: مَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: سَمِعْتُ رَاهِبًا يَشْتُمُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَوْ سَمِعْتُهُ أَنَا لَقَتَلْتُهُ، إِنَّا لَمْ نُعْطِهِ الْأَمَانَ عَلَى هَذَا " وَلَيْسَ يعرف له من الصحابة يخالف، فَكَانَ إِجْمَاعًا؛ وَلِأَنَّ مَا كَانَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْإِسْلَامِ كَانَ شَرْطًا فِي عَقْدِ الْأَمَانِ؛ قِيَاسًا عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ؛ وَلِأَنَّ مَا حُقِنَ بِهِ دَمُ الْكَافِرِ انْتَقَضَ بِشَتْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَالْإِيمَانِ.
وَأَمَّا الْخَبَرُ، فَعَنْهُ جَوَابَانِ:
أَحَدُهُمَا: إِنَّهُمْ قَالُوهُ ذَمًّا، وَلَمْ يَقُولُوهُ شَتْمًا.
وَالثَّانِي: إِنَّهُ كَانَ فِي ضَعْفِ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي قُوَّتِهِ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ: إِنِ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ، فَمِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: إِنَّهُمْ قَالُوهُ اعْتِقَادًا لِلتَّعْظِيمِ، وَهَذَا الشَّتْمُ اعْتِقَادًا لِلتَّحْقِيرِ.
وَالثَّانِي: إِنَّهُمْ يُقَرُّونَ عَلَى قَوْلِهِمْ، إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ، فَلَمْ يَنْتَقِضْ بِهِ عَهْدُهُمْ، وَغَيْرُ مُقَرِّينَ عَلَى شَتْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَانْتَقَضَ بِهِ عَهْدُهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute