للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى بَوْلِ الْغُلَامِ وَوُجُوبِ غَسْلِ بَوْلِ الْجَارِيَةِ رِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يُغْسَلُ بَوْلُ الْجَارِيَةِ وَيُنْضَحُ عَلَى بَوْلِ الْغُلَامِ مَا لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ "

وَهَذَا نَصٌّ ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ

وَرَوَتْ لُبَابَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَجْلَسَ الْحَسَنَ فِي حِجْرِهِ فَبَالَ عَلَيْهِ فَقَالَتْ: قُلْتُ لَهُ: لَوْ أَخَذْتَ ثَوْبًا وَأَعْطَيْتَنِي إِزَارَكَ لأغسله فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْأُنْثَى، وَيُنْضَحُ عَلَى بَوْلِ الذَّكَرِ " وَهَذَا نَصٌّ أَيْضًا ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ

وَرُوِيَ عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِطِفْلٍ لَهَا لِيُحَنِّكَهُ فَبَالَ فِي حِجْرِهِ فَنَضَحَ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَثَبَتَتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَوْلًا وَفِعْلًا بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ جَوَازِ الرَّشِّ عَلَى بَوْلِ الصَّبِيِّ مَا لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ، وَغَسْلِ بَوْلِ الصَّبِيَّةِ قَبْلَ الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ، ثم الفرق بينهما في المعنى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ بَوْلَ الْجَارِيَةِ أَحَرُّ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ، وَمَنِيَّ الْغُلَامِ أَحَرُّ مِنْ مَنِيِّ الْمَرْأَةِ عَلَى مَا تَعَارَفَهُ النَّاسُ فِي غَالِبِ الْعَادَةِ، فَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ خَفَّ الْحُكْمُ فِي بَوْلِ الْغُلَامِ، وَغَلُظَ فِي بَوْلِ الْجَارِيَةِ

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا جَازَ بُلُوغُ الْغُلَامِ بِمَائِعٍ طَاهِرٍ وَهُوَ الْمَنِيُّ. وَبُلُوغُ الْجَارِيَةِ بِمَائِعٍ نَجِسٍ وَهُوَ الْحَيْضُ جَازَ أَنْ يَفْتَرِقَا فِي حُكْمِ طَهَارَةِ الْبَوْلِ عَلَى أَنَّ الْغُلَامَ كَثِيرًا مَا يَتَدَاوَلُهُ النَّاسُ فَكَانَ حُكْمُ بِوْلِهِ أَخَفَّ، فَإِنْ قِيلَ: فَمَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ " وَلَا يَبِينُ لِي فَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّبِيَّةِ " وَقَدْ فَرَّقْتُمْ بَيْنَهُمَا قِيلَ: يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ السُّنَّةَ قَدْ فَرَّقَتْ بَيْنَهُمَا، وَلَا يَبِينُ لِي مَعْنَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا مِنْ طَرِيقِ السُّنَّةِ

وَالثَّانِي: أَنَّ فَرْقَ الْمُشَاهَدَةِ بَيْنَهُمَا فِي كَوْنِ بَوْلِ الصَّبِيِّ أَبْيَضَ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ وَبَوْلِ الصَّبِيَّةِ بِضِدِّهِ لَا يَبِينُ لي المعنى فيه فَأَمَّا أَبْوَالُ مَا عَدَا الْآدَمِيِّينَ وَأَرْوَاثُهَا فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهَا عَلَى أَرْبَعَةِ مَذَاهِبَ:

أَحَدُهَا: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ أَبْوَالَ جَمِيعِهَا وَأَرْوَاثَهَا نجسة بكل حال، وبه قال من الصابة ابن عمر، ومن التَّابِعِينَ الْحَسَنُ، وَمِنَ الْفُقَهَاءِ أَبُو ثَوْرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>