للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " خمسٌ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ، والغراب وَالْحِدَأَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ " وَمَا أُبِيحُ قَتْلُهُ وَلَمْ يَحْرُمْ فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ كَانَ حَرَامًا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَإذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا) {المائدة: ٢٥) . وَهُوَ انْفِصَالٌ عَنْهَا، وَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَدْ أَحَلَّ بَعْضَ الْحَيَوَانِ وَحَرَّمَ بَعْضَهُ، وَأَغْفَلَ بَعْضَهُ، فَكَانَ نَصُّهُ مُتَّبَعًا فِي مَا أَحَلَّ وَحَرَمَ، وَبَقِيَ الْمُغْفَلُ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَصْلٍ يُعْتَبَرُ فِيهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ إِلَى التَّحْلِيلِ بِأَوْلَى مِنْ رَدِّهِ إِلَى التَّحْرِيمِ، وَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا أَحَدُ أَصْلَيْنِ، إِمَّا الْقِيَاسُ وَإِمَّا عُرْفُ الْعَرَبِ، وَمَالِكٌ لَا يَعْمَلُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَنَحْنُ نَعْمَلُ عَلَيْهِمَا، لِأَنَّنَا نَعْتَبِرُ عرف العرب ثم ترجع إِلَى الْقِيَاسِ عِنْدَ التَّكَافُؤِ فَكُنَّا فِي اعْتِبَارِ الْأَصْلَيْنِ أَرْجَحَ مِنْهُ فِي تَرْكِ الْأَصْلَيْنِ.

فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْله تَعَالَى: {قُل لاَّ أَجِدُ فِيمَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ) {الأنعام: ١٤٥) . فِي وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَا أَجِدُ فِيمَا نَزَلَ بِهِ الْقُرْآنُ مُحَرَّمًا إِلَّا هَذِهِ الْمَذْكُورَةَ، وَمَا عَدَاهَا مُحَرَّمٌ بِالسُّنَّةِ.

وَالثَّانِي: لَا أَجِدُ فِيمَا اسْتَطَابَتْهُ الْعَرَبُ مُحَرَّمًا إِلَّا هَذِهِ الْمَذْكُورَةَ.

وَقَوْلُهُ: إِنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَسْتَطِيبُ أَكْلَ جَمِيعِهَا، فَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي جُفَاةِ الْبَوَادِي، لِجَدْبِ مَوَاضِعِهِمْ فِي الضَّرُورَاتِ، فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مِثْلَهُمْ لَا يُعْتَبَرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>