للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهَا: مَا كَانَ غِذَاءً كَالْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ وَالْفَوَاكِهِ، وَالْبُقُولِ، فَأَكْلُهَا مُبَاحٌ وَبَيْعُهَا جَائِزٌ، وَسَوَاءٌ أُكِلْتَ قُوتًا أَوْ تَفَكُّهًا، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّا زَرَعَهُ الْآدَمِيُّونَ، فَهِيَ مِلْكٌ لِزَارِعِهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا أَنْبَتَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْمَوَاتِ، فَهِيَ مِلْكٌ لِآخِذِهَا.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: مَا كَانَ دَوَاءً، فَأَكْلُهُ لِلتَّدَاوِي مُبَاحٌ، وَيُنْظَرُ فِي أَكْلِهِ لِغَيْرِ التَّدَاوِي، فَإِنْ كَانَ ضَارًّا مُنِعَ مِنْ أَكْلِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ضَارٍّ أُبِيحُ أَكْلُهُ، وَبَيْعُهُ فِي الْحَالَيْنِ جَمِيعًا جَائِزٌ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا كَانَ مُسْكِرًا، وَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرَبٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَعَ السُّكْرِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ، فَأَكْلُهُ حَرَامٌ، وَعَلَى آكِلِهِ الْحَدُّ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي دَوَاءٍ وَلَا غَيْرِهِ كَالْخَمْرِ، وَبَيْعُهُ حَرَامٌ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يُسْكِرَ، وَلَا تَكُونُ فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ كَالْبَنْجِ، فَأَكْلُهُ حَرَامٌ، وَلَا حَدَّ عَلَى آكْلِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي الدَّوَاءِ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَإِنْ أَفْضَى إِلَى السُّكْرِ إِذَا لَمْ يُوجَدْ مِنْ إِسْكَارِهِ بدٌ، وَيُنْظَرُ فِي بَيْعِهِ، فَإِنْ كَانَ يُسْتَعْمَلُ فِي الْأَدْوِيَةِ غَالِبًا جَازَ بَيْعُهُ وَلَمْ يُكْرَهْ، وَإِنْ كَانَ يُسْتَعْمَلُ فِيهَا نَادِرًا كُرِهَ بَيْعُهُ، وَإِنْ جَازَ.

وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: مَا أَسْكَرَ مَعَ غَيْرِهِ وَلَمْ يُسْكِرْ بِانْفِرَادِهِ كَالدَّاذِي، وَمَا شَاكَلَهُ، فَيُنْظَرُ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ مِنْ دَوَاءٍ، وَلَا غَيْرِهِ، حَرُمَ أَكْلُهُ وَبَيْعُهُ تَغْلِيبًا، لِغَالِبِ أَحْوَالِهِ، وَإِنِ انْتُفِعَ بِأَكْلِهِ فِي الدَّوَاءِ حَلَّ أَكْلُهُ تَدَاوِيًا وَجَازَ بَيْعُهُ، وَكَانَ مَكْرُوهًا إِنْ كَانَ أَغْلَبَ أَحْوَالِهِ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْمُسْكِرِ، وَلَمْ يُكْرَهْ إِنْ كَانَ أَغْلَبَ أَحْوَالِهِ اسْتِعْمَالُهُ مِنْ غَيْرِ الْمُسْكِرِ.

وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: مَا كَانَ ضَارًّا كَالسُّمُومِ، فَهَذَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: مَا قَتَلَ قَلِيلُهُ، وَكَثِيرُهُ، فَأَكَلُهُ حَرَامٌ، وَبَيْعُهُ بَاطِلٌ سَوَاءٌ كان قتله موجباً أَوْ مُبْطِئًا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: مَا قَتَلَ كَثِيرُهُ دُونَ قَلِيلِهِ، فَأَكْلُ كَثِيرِهِ حَرَامٌ، فَأَمَّا قَلِيلُهُ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُنْتَفَعٍ بِهِ حَرُمَ أَكْلُهُ، وَبَطُلَ بَيْعُهُ تَغْلِيبًا لِضَرَرِهِ، وَإِنْ كَانَ مُنْتَفَعًا بِهِ مِنَ التَّدَاوِي حَلَّ أَكْلُهُ تَدَاوِيًا، وَجَازَ بَيْعُهُ، وَلَمْ يُكْرَهْ، وَإِنْ كَانَ غَالِبُهُ التَّدَاوِي وَكُرِهَ إِنْ كَانَ غَالِبُهُ غَيْرَ التَّدَاوِي.

وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: مَا يَقْتُلُ فِي الْأَغْلَبِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ لَا يَقْتُلَ، فَحُكْمُ الْأَغْلَبِ لَهُ أَلْزَمُ، وَيَكُونُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

وَالضَّرْبُ الرَّابِعُ: مَا لَا يَقْتُلُ فِي الْأَغْلَبِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَقْتُلَ، فَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>