للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ وَالصَّلَاةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

فَرْضٌ

وَتَطَوُّعٌ

فَالْفَرْضُ: خَمْسٌ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مَنْ جَحَدَهُنَّ فَقَدْ كَفَرَ، وَمَنْ تَرَكَهُنَّ غَيْرَ جَاحِدٍ فَقَدْ فَسَقَ فَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَا سُنَّ فِعْلُهُ فِي جَمَاعَةٍ، وَهُوَ خَمْسُ صلوات العيدان، والخسوفان، الاستسقاء

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: مَا سُنَّ فِعْلُهُ مُفْرَدًا، وَهُوَ الْوِتْرُ، وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ، وَصَلَاةُ الضُّحَى، وَالسُّنَنُ الْمُوَظَّفَاتُ مَعَ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ

فَأَمَّا مَا سُنَّ فِي جَمَاعَةٍ فَهُوَ آكَدُ، وَأَفْضَلُ مِمَّا سُنَّ مُنْفَرِدًا لِثَلَاثَةِ مَعَانٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّهَا أَشْبَهُ بِالْفَرَائِضِ، لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْجَمَاعَةِ

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا كَانَتِ الْفَرَائِضُ ضَرْبَيْنِ، ضَرْبٌ فُرِضَ فِي جَمَاعَةٍ، وَهُوَ الْجُمُعَةُ، وَضَرْبٌ لَمْ يُفْرَضْ فِي جَمَاعَةٍ

وَالسُّنَّةُ ضَرْبَانِ

ضَرْبٌ فِي جَمَاعَةٍ

وَضَرْبٌ لَمْ يُسَنَّ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ وَجَدْنَا مَا سُنَّ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْمَفْرُوضِ أَوْكَدَ وَأَفْضَلَ، وَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَا سُنَّ فِي الْجَمَاعَةِ مِنَ الْمَسْنُونِ أَوْكَدَ وَأَفْضَلَ

وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ لَمَّا كَانَتِ الَّتِي سُنَّ لَهَا الْجُمُعَةُ أَدَاؤُهَا جَمَاعَةً أَفْضَلَ مِنْ أَدَائِهَا فُرَادَى وَجَبَ أَنْ تَكُونَ النَّوَافِلُ الَّتِي سُنَّ لَهَا الْجَمَاعَةُ أَفْضَلَ مِنَ النَّوَافِلِ الَّتِي لَمْ تُسَنَّ فِي جَمَاعَةٍ

فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَسْنُونَ فِي جَمَاعَةٍ أَفْضَلُ وَآكَدُ فَفِيهَا لِأَصْحَابِنَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ لِقُوَّةِ سَبَبِهَا، وَظُهُورِ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ بِهَا، فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَسْتَوِي حُكْمُ جَمِيعِهَا فِي الْفَضْلِ وَلَيْسَ بَعْضُهَا أَوْكَدَ مِنْ بَعْضٍ

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ " فَجَعَلَ مَا سِوَى الْخَمْسِ تَطَوُّعًا، فَعَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِيهَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ جَمِيعَهَا فِي الْفَضْلِ سَوَاءٌ، وَلَيْسَ بَعْضُهَا أَوَكْدَ مِنْ بَعْضٍ لِاسْتِوَاءِ أمره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِعْلِهِ لَهَا وَحَمْلِهِ عَلَيْهَا

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَظْهَرُ أَنَّ بَعْضَهَا أَوْكَدُ مِنْ بَعْضٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَا سُنَّ فِعْلُهُ مُفْرَدًا بَعْضُهُ أَوْكَدُ مِنْ بَعْضٍ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَا سُنَّ فِي الْجَمَاعَةِ بَعْضُهُ أَوْكَدُ مِنْ بَعْضٍ، فعلى هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>