بِالصِّيَامِ، أَوْ بِبَعْضِ تَكْفِيرِهِ بِالْمَالِ وَالصِّيَامِ بِحَسْبِ مَا فِيهِ مِنْ حُرِّيَّةٍ وَرِقٍّ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى إِبْطَالِ التَّبْعِيضِ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا تَغْلِيبُ أَحَدِهَا فَكَانَ تَغْلِيبُ الْحَرِيَّةِ عَلَى الرِّقِّ فِي التَّكْفِيرِ بِالْمَالِ أَوْلَى مِنْ تَغْلِيبِ الرِّقِّ عَلَى الْحُرِّيَّةِ فِي التَّكْفِيرِ بِالصِّيَامِ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: إنَّهُ لَمَّا تَغَلَّبَ حُرِّيَّةُ بَعْضِهِ فِي السَّرَايَةِ إِلَى عِتْقِ جَمِيعِهِ تَغَلَّبَ حُكْمُهَا فِي تَكْفِيرِهِ.
وَالثَّانِي: إنَّ التَّكْفِيرَ بِالْمَالِ أَصْلٌ، وَبِالصِّيَامِ بَدَلٌ، وَلِذَلِكَ كَانَ لِمَنْ فَرْضُهُ الصِّيَامُ أَنْ يُكَفِّرَ بِالْمَالِ وَلَمْ يَجُزْ لِمَنْ فَرْضُهُ الْمَالُ أَنْ يُكَفِّرَ بِالصِّيَامِ فَكَانَ تَغْلِيبُ مَا أَوْجَبَ الْأَصْلُ مِنَ الْمَالِ أَوْلَى مِنْ تَغْلِيبِ مَا أَوْجَبَ الْبَدَلُ مِنَ الصِّيَامِ، أَمَّا تَغْلِيبُ الرِّقِّ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْأَحْكَامِ، فَلِأَنَّ تَبْعِيضَ الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ مُوجِبٌ لِتَغْلِيبِ أَغْلَظِ حُكْمَيْهِ، فَكَانَ أَغْلَظُهُمَا مِنَ الْكَفَّارَةِ حُكْمَ الْجِزْيَةِ، وَأَغْلَظُهُمَا فِيمَا عَدَاهَا حُكْمَ الرِّقِّ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ الْمُزَنِيُّ مِنَ أَنَّ نُقْصَانَ الْمُكَفِّرِ كَنُقْصَانِ الْكَفَّارَةِ، فَهُوَ أَنَّ نُقْصَانَ الْكَفَّارَةِ مُفْضٍ إِلَى التَّبْعِيضِ فَسَقَطَ، وَنُقْصَانَ الْمُكَفِّرِ مُوجِبٌ لِكَمَالِ الْكَفَّارَةِ، فَافْتَرَقَا في النقض لِافْتِرَاقِهِمَا فِي الْمُوجَبِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، وَبِاللَّهِ التوفيق.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute