للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْجَزَاءُ الْمَبْذُولُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ: طَاعَةٌ وَمُبَاحٌ وَمَعْصِيَةٌ.

فَأَمَّا ضُرُوبُ الشَّرْطِ الْمَطْلُوبِ فَالطَّاعَةُ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ فِي الرَّجَاءِ إِنْ رَزَقَنِي اللَّهُ الْحَجَّ، أَوْ فَتَحَ عَلَى يَدَيَّ بِلَادَ أَعْدَائِهِ، فَلَهُ عَلَيَّ كَذَا.

وَيَقُولُ فِي الْخَوْفِ إِنْ كَفَانِي اللَّهُ ظَفَرَ أَعْدَائِهِ بِي، أَوْ دَفَعَ عَنِّي مَا يَقْطَعُنِي عَنْ صَلَاتِي وَصِيَامِي فَلَهُ عَلَيَّ كَذَا.

فَهَذَا نَذْرٌ مُنْعَقِدٌ وَالْوَفَاءُ بِهِ وَاجِبٌ.

وَالْمُبَاحُ أَنْ يَقُولَ فِي الرَّجَاءِ: إِنْ رَزَقَنِي اللَّهُ وَلَدًا أَوْ مَالًا فَلَهُ عَلَيَّ كَذَا.

وَيَقُولُ فِي الْخَوْفِ: إِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي أَوْ سَلَّمَنِي فِي سَفَرِي فَلَهُ عَلَيَّ كَذَا.

فَهَذَا نَذْرٌ مُنْعَقِدٌ وَالْوَفَاءُ بِهِ وَاجِبٌ.

وَالْمَعْصِيَةُ أَنْ يَقُولَ فِي الرَّجَاءِ إِنْ ظَفِرْتُ بِقَتْلِ فُلَانٍ، أَوْ زَنَيْتُ بِفُلَانَةٍ فَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا.

وَيَقُولُ فِي الْخَوْفِ إِنْ لَمْ أُدْفَعْ عَنْ قَطْعِ الطَّرِيقِ، وَلَمْ أَمْنَعْ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ، فَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا.

فَهَذَا نَذْرٌ بَاطِلٌ، وَالْوَفَاءُ بِهِ غَيْرُ وَاجِبٍ، لِمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيِّ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلَا نَذْرَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ " وَلِأَنَّ الشَّرْعَ لَمَّا مَنَعَ مِنِ انْعِقَادِ الْمَعْصِيَةِ، أَسْقَطَ مَا قَابَلَهَا مِنَ الْجَزَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْصِيَةً.

وَأَمَّا ضَرْبُ الْجَزَاءِ الْمَبْذُولِ، فَالطَّاعَةُ مِنْهَا أَنْ يَقُولَ: إِنْ كَانَ كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ، أَوْ أَصُومَ، أَوْ أَحُجَّ، أَوْ أَعْتَكِفَ، أَوْ أَتَصَدَّقَ، فَهَذَا جَزَاءٌ يَنْعَقِدُ بِهِ الشَّرْطُ الْمُبَاحُ، وَيُلْتَزَمُ فِيهِ الْوَفَاءُ.

وَأَمَّا الْمُبَاحُ فَهُوَ أَنْ يَقُولَ: إِنْ كَانَ كَذَا، فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَكْلُ لَذِيذٍ، وَلُبْسُ جَدِيدٍ إِنْ أَثْبَتَ، أَوْ لَا أَكَلْتُ لَذِيذًا، وَلَا لَبِسْتُ جَدِيدًا، إِنْ نَفَى، فَهَذَا جَزَاءٌ لَا يَنْعَقِدُ بِهِ الشَّرْطُ، وَلَا يَلْزَمُ فِيهِ الْوَفَاءُ، لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنِ الْعُرْفِ الْمَقْصُودِ بِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى.

رَوَى عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَخْطُبُ إِذْ هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>