للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قَلَّدَهُ جَانِبَ رَبِيعَةَ وَقُلِّدَ آخَرُ جَانِبَ مُضَرَ كَانَتْ وِلَايَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقْصُورَةٌ عَلَى جَانِبِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَنْظُرَ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِهِ دُونَ الطَّارِئَيْنِ إِلَيْهِ فَلَا يَتَعَدَّاهُمْ وَيَقِفُ نَظَرُهُ عَلَى مَا قُلِّدَ.

فَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْجَانِبَيْنِ مَوْضِعٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهَا رُوعِيَ الْأَغْلَبُ عَلَيْهِ فِي إِضَافَتِهِ إِلَى أَحَدِهِمَا فَجُعِلَ دَاخِلًا فِيهِ فَإِنِ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فِيهِ رُوعِيَ الْقُرْبُ، فَمَا كَانَ مِنْهُ أَقْرَبُ إِلَى جَانِبِ رَبِيعَةَ دَخَلَ فِي وِلَايَةِ قَاضِيهِ وَمَا كَانَ مِنْهُ أَقْرَبُ إِلَى جَانِبِ مُضَرَ دَخَلَ فِي وِلَايَةِ قَاضِيهِ.

فَلَوْ تَحَاكَمَ مِنَ الْجَانِبَيْنِ رَجُلَانِ فَدَعَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى قَاضِي جَانِبِهِ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ عِنْدَ التَّنَازُعِ قَدِ اجْتَمَعَا فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ أُجِيبُ قَوْلُ مَنْ هُوَ فِي جَانِبِهِ فِي التَّحَاكُمِ إِلَى قَاضِيهِ لِأَنَّ خَصْمَهُ فِيهِ، طَالِبًا كَانَ أَوْ مَطْلُوبًا.

وَإِنْ كَانَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي جَانِبِهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُجْبِرَ الْآخَرَ عَلَى التَّحَاكُمِ إِلَى قَاضِيهِ لِأَنَّ قَاضِيَهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُعْدِيَهُ عَلَى خَصْمِهِ لِخُرُوجِهِ عَنْ نَظَرِهِ طَالِبًا كَانَ أَوْ مَطْلُوبًا.

فَإِنْ أَرَادَ الطَّالِبُ أَنْ يَسْتَعْدِيَ قَاضِي الْمَطْلُوبِ عَلَى خَصْمِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْدِيَهُ وَيَحْكُمَ بَيْنَهُمَا فِي جَانِبِهِ لِحُصُولِهِمَا فِي عَمَلِهِ.

فَإِنْ حَصَلَ أَحَدُ الْقَاضِيَيْنِ فِي جَانِبِ الْآخَرِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ فِيهِ بَيْنَ مَنْ تَنَازَعَ إِلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِ عَمَلِهِ أَوْ غَيْرِ عَمَلِهِ لِأَنَّ حُكْمَهُ لَا يَنْفُذُ إِلَّا فِي عَمَلِهِ.

وَإِذَا قَلَّدَ الْإِمَامُ قَاضِيَيْنِ فِي بَلَدٍ لِيَنْظُرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيْنَ جَمِيعِ أَهْلِهِ فَفِي جَوَازِهِ لِأَصْحَابِنَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ لِمَا يُفْضِي إِلَيْهِ أَمْرُهَا مِنَ التَّجَاذُبِ فِي تَنَازُعِ الْخُصُومِ إليهما ونبطل وِلَايَتُهُمَا إِنْ جُمِعَ بَيْنهمَا فِي التَّقْلِيدِ وَتَصِحُّ وِلَايَةُ الْأَوَّلِ إِنْ قُلِّدَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ.

وَالثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِأَنَّهَا اسْتِنَابَةٌ كَالْوَكَالَةِ الَّتِي يَجُوزُ أَنْ يَجْتَمِعَ فِيهَا وَكِيلَانِ عَلَى اجْتِمَاعٍ وَانْفِرَادٍ.

فَإِنِ اخْتَصَمَ خَصْمَانِ وَجَذَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَصْمَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا عُمِلَ عَلَى قَوْلِ الطَّالِبِ مِنْهُمَا دُونَ الْمَطْلُوبِ وَحَاكَمَهُ إِلَى مَنْ أَرَادَهُ مِنْهُمَا، لِأَنَّ حُكْمَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْقَاضِيَيْنِ نَافِذٌ عَلَيْهِمَا بِخِلَافِ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْقَاضِيَيْنِ إِذَا كَانَا فِي جَانِبَيْنِ لِقُصُورِ نَظَرِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى جَانِبِهِ وَعُمُومِ نَظَرِ هَذَيْنِ الْقَاضِيَيْنِ فِي جَمِيعِ البلد.

<<  <  ج: ص:  >  >>