للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَبْنِيَّانِ عَلَى اخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا فِي مَوَالِي ذَوِي الْقُرْبَى هَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ مِنَ الصَّدَقَاتِ مَا يَحْرُمُ عَلَى ذَوِي الْقُرْبَى، عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ مَا يَحْرُمُ عَلَى ذَوِي الْقُرْبَى تَغْلِيبًا لِلْوَلَاءِ عَلَى النَّسَبِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَاضِي الْعَرَبِ أَحَقَّ بِالنَّظَرِ بَيْنَهُمْ مِنْ قَاضِي الْعَجَمِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ مَا يَحْرُمُ عَلَى ذَوِي الْقُرْبَى تَغْلِيبًا لِلنَّسَبِ عَلَى الْوَلَاءِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَاضِي الْعَجَمِ أَحَقَّ بِالنَّظَرِ بَيْنَهُمْ مِنْ قَاضِي الْعَرَبِ.

وَإِذَا وَقَعَ التَّنَازُعُ بَيْنَ عَرَبِيٍّ وَعَجَمِيٍّ فَلَهُمَا حَالَتَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى التَّحَاكُمِ إِلَى قَاضِي أَحَدِهِمَا: فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى قَاضِي الْمَطْلُوبِ فَيَنْفُذُ حُكْمُهُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ إِلَى اسْتِيفَاءِ الْحُقُوقِ مِنْ أَهْلِ نَظَرِهِ، وَالْحَقُّ مُسْتَوْفٍ مِنَ الْمَطْلُوبِ لِلطَّالِبِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى التَّحَاكُمِ إِلَى قَاضِي الطَّالِبِ فَفِي نُفُوذِ حُكْمِهِ بَيْنَهُمَا وَجْهَانِ مُخَرَّجَانِ مِنِ اخْتِلَافِ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي نُفُوذِ حُكْمِ مَنْ تَرَاضَيَا بِهِ مِنْ غَيْرِ الْحُكَّامِ:

أَحَدُهُمَا: يَنْفُذُ حُكْمُهُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَنْفُذُ.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَتَجَاذَبَ الْمُتَنَازِعَانِ وَيَدْعُوَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى نَظَرِ قَاضِيهِ. فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُوقِفُ تَنَازُعَهُمَا وَيَقْطَعُ تَخَاصُمَهُمَا حَتَّى يَتَّفِقَا عَلَى قَاضِي أَحَدِهِمَا فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى قَاضِي الْمَطْلُوبِ جَازَ وَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى قَاضِي الطَّالِبِ كَانَ عَلَى مَا مَضَى مِنَ الْوَجْهَيْنِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَجْتَمِعَ الْقَاضِيَانِ عَلَى سَمَاعِ الدَّعْوَى، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَوْجُودًا بَيْنَ أَهْلِ نَظَرِهِ، وَلَيْسَ لَهُ الِانْفِرَادُ فِي هَذَا النَّظَرِ فَلَزِمَ اجْتِمَاعُهُمَا عَلَيْهِ.

فَإِذَا اجْتَمَعَا عَلَى سَمَاعِ الدَّعْوَى تَفَرَّدَ بِالْحُكْمِ بَيْنَهُمَا قَاضِي الْمَطْلُوبِ دُونَ الطَّالِبِ.

وَإِنِ اقْتَضَى الْحُكْمُ سَمَاعَ الْبَيِّنَةِ تَفَرَّدَ بِسَمَاعِهَا قَاضِي الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ دُونَ الْمَشْهُودِ لَهُ.

وَإِنْ وَقَفَ الْحُكْمُ عَلَى يَمِينٍ اسْتَوْفَاهَا قَاضِي الْحَالِفِ دُونَ الْمُسْتَحْلِفِ لِيَكُونَ الْحُكْمُ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا نَافِذًا مِنْ قَاضِي الْمَطْلُوبِ دُونَ الطالب.

<<  <  ج: ص:  >  >>