والنهي ما تعبد بتركه.
(أقسام الأمر)
:
وَالْأَمْرُ: يَنْقَسِمُ بِالْقَرَائِنِ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: وَاجِبٌ وَاسْتِحْبَابٌ وَمُبَاحٌ.
فَإِنْ تَجَرَّدَ عَنْ قَرِينَةٍ كَانَ مَحْمُولًا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَلَى الْوُجُوبِ إِلَّا بِدَلِيلٍ يَصْرِفُهُ إِلَى الِاسْتِحْبَابِ أَوِ الْإِبَاحَةِ.
وَذَهَبَ غَيْرُهُ إِلَى أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى الْوُجُوبِ.
وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ مَوْقُوفٌ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى الْمُرَادِ بِهِ لِاحْتِمَالِهِ.
وَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ أَوْلَى، لِفِرَقِ مَا بَيْنَ وُرُودِ الأمر وعدمه.
(أقسام النهي)
:
وَالنَّهْيُ يَنْقَسِمُ بِالْقَرَائِنِ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: تَحْرِيمٌ وَكَرَاهَةٌ وَتَنْزِيهٌ:
فَإِنْ تَجَرَّدَ عَنْ قَرِينَةٍ كَانَ مَحْمُولًا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَلَى التَّحْرِيمِ وَفَسَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ إِلَّا أَنْ يَصْرِفَهُ دَلِيلٌ إِلَى غَيْرِهِ.
وَالْأَمْرُ يَقْتَضِي فِعْلَ الْمَأْمُورِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَلَا يُحْمَلُ عَلَى التَّكْرَارِ إِلَّا بِدَلِيلٍ.
وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي تَرْكَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ عَلَى الدَّوَامِ وَلَا يُجْعَلُ مُوَقَّتًا إِلَّا بِدَلِيلٍ.
وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي الْفَوْرَ، وَلَا يُحْمَلُ عَلَى التَّرَاخِي إِلَّا بِدَلِيلٍ.
وَفِيمَا يَقْتَضِيهِ مُطْلَقُ الْأَمْرِ مِنَ الْفَوْرِ أَوِ التَّرَاخِي وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْفَوْرِ كَالنَّهْيِ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى التَّرَاخِي.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى التَّرَاخِي حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى الْفَوْرِ.
وَقَدْ يَرِدُ الْأَمْرُ بِلَفْظِ الْخَبَرِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] فَيُحْمَلُ عَلَى حُكْمِ الْأَمْرِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَتَوَجَّهَ إِلَيْهِ النَّسْخُ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ مَا وَرَدَ بِلَفْظِ الْخَبَرِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَوَجَّهَ إِلَيْهِ نَسْخٌ كَالْخَبَرِ.
وَهَذَا فَاسِدٌ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْأَمْرِ فَكَانَ عَلَى حُكْمِهِ.
وَمُطْلَقُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مُتَوَجِّهٌ إِلَى جَمِيعِ الْأَحْرَارِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ.
وَفِي دُخُولِ الْعَبِيدِ فِي مُطْلَقِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: يَدْخُلُونَ فِيهِ لِتَوَجُّهِ التَّكْلِيفِ إِلَيْهِمْ وَلَا يَخْرُجُونَ مِنْهُ إِلَّا بِدَلِيلٍ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَتَوَجَّهُ إِلَيْهِمْ وَيَخْرُجُونَ مِنْهُ بِغَيْرِ دَلِيلٍ لِأَنَّهُمْ أَتْبَاعٌ.