لَهُمْ إِلَى عِلْمِهِ سَبِيلٌ، مِمَّا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِعِلْمِهِ: كَقِيَامِ السَّاعَةِ، وَطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَنُزُولِ عِيسَى، وَغَيْرِهِ، وَهَذَا قَوْلُ جَابِرٍ.
وَالْخَامِسُ: أَنَّ الْمُحْكَمَ: مَا أَحْكَمَ اللَّهُ بَيَانَ حَلَالِهِ وَحَرَامِهِ، فَلَمْ تُشْتَبَهْ مَعَانِيهِ وَالْمُتَشَابِهَ: مَا اشْتُبِهَتْ مَعَانِيهِ، وَهَذَا قَوْلُ مُجَاهِدٍ.
وَالسَّادِسُ: أَنَّ الْمُحْكَمَ مَا لَمْ يَحْتَمِلْ مِنَ التَّأْوِيلِ إِلَّا وَجْهًا وَاحِدًا، وَالْمُتَشَابِهَ مَا احْتَمَلَ مِنَ التَّأْوِيلِ أَوْجُهًا، وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ.
وَالسَّابِعُ: أَنَّ الْمُحْكَمَ مَا قَامَ بِنَفْسِهِ، وَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى اسْتِدْلَالٍ، وَالْمُتَشَابِهَ مَا لَمْ يَقُمْ بِنَفْسِهِ وَاحْتَاجَ إِلَى اسْتِدْلَالٍ، وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ.
وَالثَّامِنُ: أَنَّ الْمُحْكَمَ مَا كَانَتْ مَعَانِي أَحْكَامِهِ مَعْقُولَةً وَالْمُتَشَابِهَ مَا كَانَتْ مَعَانِي أَحْكَامِهِ غَيْرَ مَعْقُولَةٍ كَأَعْدَادِ الصَّلَوَاتِ، وَاخْتِصَاصِ الصِّيَامِ بِشَهْرِ رَمَضَانَ دُونَ شَعْبَانَ.
وَهَذَا مُحْتَمَلٌ.
وَفِي قَوْلِهِ {هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} [آل عمران: ٧] ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ أَرَادَ الْآيَ الَّتِي فِيهَا الْفَرَائِضُ وَالْحُدُودُ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ الْمَقْصُودِ وَهَذَا قَوْلُ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَرَادَ فَوَاتِحَ السُّوَرِ الَّتِي يُسْتَخْرَجُ مِنْهَا الْقُرْآنُ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي فَاخِتَةَ.
وَالثَّالِثُ: أَرَادَ أَنَّهُ مَعْقُولُ الْمَعَانِي؛ لِأَنَّهُ يَتَفَرَّعُ عَنْهُ مَا يُشَارِكُهُ فِي مَعْنَاهُ فَيَصِيرُ الْأَصْلُ لِفُرُوعِهِ كَالْأُمِّ لِحُدُوثِهَا عَنْهُ فَلِذَلِكَ سماه أم الكتاب.
وهذا محتمل.
{فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} [آل عمران: ٧] فِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: شَكٌّ قَالَهُ مُجَاهِدٌ.
وَالثَّانِي: ميل.
{فيتبعون ما تشابه منه} فِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ الْأَجَلُ الَّذِي أَرَادَتِ الْيَهُودُ أَنْ تَعْرِفَهُ مِنَ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ فِي الْقُرْآنِ مِنِ انْقِضَاءِ مُدَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِحِسَابِ الْجُمَلِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَعْرِفَةُ عَوَاقِبِ الْقُرْآنِ في العلم بورود النسخ قبل وقته.
{ابتغاء الفتنة} فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ الشِّرْكُ قَالَهُ السدي.