الْأَوَامِرِ بِلَفْظِ الْأَخْبَارِ أَحْكَامُ الْأَوَامِرِ دُونَ الْأَخْبَارِ، وَمِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ، كَذَلِكَ فِي حُكْمِ النَّسْخِ.
والضرب الثاني: أن يرد الأمر مؤكدا بالتأييد فَفِي جَوَازِ نَسْخِهِ لِأَصْحَابِنَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يجوز نسخه؛ لأن صريح التأييد مَانِعٌ مِنِ احْتِمَالِ النَّسْخِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَكَأَنَّهُ أشبه أن نسخه جائر، لأن المطلق يقتضي التأييد كالمؤكد، لأنه لما جاز القطاع الْمُؤَبَّدِ بِالِاسْتِثْنَاءِ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الفاسقون إِلا الَّذِينَ تَابُوا} [النور: ٤] جَازَ انْقِطَاعُهُ بِالنَّسْخِ كَالْمُطْلَقِ.
وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ مُقَدَّرًا بِمُدَّةٍ فَيَكُونُ انْقِضَاءُ الْمُدَّةِ مُوجِبًا لِارْتِفَاعِ الْأَمْرِ فَيَصِيرُ نَسْخًا بِغَيْرِ نَسْخٍ.
فَإِنْ أُرِيدَ نَسْخُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّتِهِ كَانَ فِي جَوَازِهِ وَجْهَانِ: كالمؤبد.
( [القول فيما يقع به النسخ] )
:
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: فِيمَا يَقَعُ بِهِ النَّسْخُ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بِمِثْلِ الْمَنْسُوخِ فَيُنْسَخُ الْكِتَابُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةُ بِالسُّنَّةِ.
قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: ١٠٦] .
وَفِي الْمُرَادِ بِنَسْخِهَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: تَبْدِيلُهَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.
وَالثَّانِي: قبضها قاله السدي.
وفي قوله " أو ننسأها " وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: نَتْرُكُهَا فَلَا تُنْسَخُ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.
وَالثَّانِي: نُؤَخِّرُهَا وَمِنْهُ بَيْعُ النَّسَاءِ.
وَفِي هَذَا التَّأْخِيرِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: نُؤَخِّرُ نَسْخَهَا.
وَالثَّانِي: نُؤَخِّرُ نُزُولَهَا.
وَفِي قَوْلِهِ {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أو مثلها} وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: بِخَيْرٍ مِنْهَا فِي الْمَنْفَعَةِ إِمَّا بِالتَّخْفِيفِ وَإِمَّا بِكَثْرَةِ الثَّوَابِ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، وَمَعْنَاهُ: نَأْتِ مِنْهَا بِخَيْرٍ قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ.