للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي فُرُوعٌ يَجْتَذِبُهَا لَيْسَتْ فِي غَيْرِهِ.

فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ أَحَدُهَا دَاخِلًا فِي الْآخَرِ، فَيَكُونُ الْحُكْمُ مُعْتَبَرًا بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ دُونَ الْأَخَصِّ، كَتَعْلِيلِ الرِّبَا فِي الْبُرِّ بِأَنَّهُ مُقْتَاتٌ، وَتَعْلِيلِهِ بِأَنَّهُ مَأْكُولٌ، وَالْقُوتُ يَدْخُلُ فِي الْمَأْكُولِ، فَكَانَ تَعْلِيلُهُ بِالْأَكْلِ أَوْلَى مِنْ تَعْلِيلِهِ بِالْقُوتِ، لِعُمُومِ الْأَكْلِ وَخُصُوصِ الْقُوتِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَدْخُلَ أَحَدُهُمَا فِي الثَّانِي: كَالتَّعْلِيلِ بِالْأَكْلِ وَالتَّعْلِيلِ بِالْكَيْلِ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْمَعْنَيَيْنِ أَكْثَرَ فُرُوعًا مِنَ الْآخَرِ فَيَكُونُ أَكْثَرُهُمَا فُرُوعًا أَوْلَى وَتَعْلِيلُ الْحُكْمِ بِهِ أَحَقُّ لِكَثْرَةِ بَيَانِهِ بِكَثْرَةِ فُرُوعِهِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَتَقَارَبَ فُرُوعُهُمَا، فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ شَوَاهِدُ أَكْثَرِ الْأُصُولِ مَعَ أَحَدِهِمَا وَشَوَاهِدُ أَقَلِّهَا مَعَ الْآخَرِ فَيَكُونُ أَكْثَرُهُمَا شَوَاهِدَ أَوْلَى، وَتَعْلِيلُ الْحُكْمِ بِهِ أَحَقُّ، لِقُوَّتِهِ بِكَثْرَةِ شَوَاهِدِهِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَتَسَاوَى شَوَاهِدُ الْأُصُولِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا يَتَرَجَّحُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ، فَيَتَعَلَّقُ حُكْمُ الْأَصْلِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَعْنَيَيْنِ، وَيَكُونُ اجْتِمَاعُهُمَا مَعًا عِلَّةً فِي فُرُوعِ الْأَصْلِ، لِقُوَّةِ الْعِلَّةِ بِاجْتِمَاعِهِمَا وَاسْتِيعَابِهِمَا لِفُرُوعِهِمَا.

فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَصِحَّ تَعْلِيقُ حُكْمِ الْأَصْلِ بِأَحَدِ مَعَانِيهِ لِدُخُولِ الْكَسْرِ عَلَيْهِ وَجَبَ أَنْ يَضُمَّ إِلَيْهِ مَعْنًى آخَرَ مِنْ مَعَانِي الْأَصْلِ فَيَجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ.

فَإِنْ سَلِمَا بِالِاجْتِمَاعِ مِنْ كَسْرٍ يَدْخُلُ عَلَيْهِمَا صَارَا جَمِيعًا مَعْنَى الْحُكْمِ فِي الأصل وعلة الحكم في الفرع.

وإن لم يَسْلَمِ الْمَعْنِيَانِ مِنْ كَسْرٍ ضَمَمْتَ إِلَيْهِمَا مَعْنًى ثَالِثًا.

فَإِنْ سَلِمَتِ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةُ صَارَ جَمِيعُهَا معنى الحكم في الأصل وعلة الحكم في الفرع.

وإن لم نسلم الثَّلَاثَةُ مِنْ كَسْرٍ ضَمَمْتَ إِلَيْهَا رَابِعًا.

فَإِنْ لَمْ تَسْلَمْ ضَمَمْتَ إِلَيْهَا خَامِسًا كَذَلِكَ أَبَدًا حَتَّى تَجْمَعَ بَيْنَ مَعَانِي الْأَصْلِ فَيَتَبَيَّنَ بِاجْتِمَاعِ مَعَانِيهِ وُقُوفُ حُكْمِهِ وَعَدَمُ تَعَدِّيهِ.

وَمَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ تَعْلِيقِ الْحُكْمِ بِمَا لَمْ تَتَعَدَّ مَعَانِيهِ وَأَبْطَلَ بِهِ الْعِلَّةَ الْوَاقِفَةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>