للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى حُكْمٍ فِي فَرْعٍ، وَأَنَّ الْأَحْكَامَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْأَسْمَاءِ دُونَ الْمَعَانِي.

وَهَذَا قَوْلُ النَّظَّامِ وَدَاوُدَ وَالْقَاسَانِيِّ وَالْمَغْرِبِيِّ وَالنَّهْرُبِينِيِّ وَالشِّيعَةِ.

وَاخْتَلَفُوا فِي طَرِيقِ نَفْيِهِ.

فَنَفَاهُ بَعْضُهُمْ بِالْعَقْلِ.

وَنَفَاهُ بَعْضُهُمْ بِالشَّرْعِ.

وَنَفَاهُ دَاوُدُ بِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ بِهِ وَلَوْ وَرَدَ بِهِ لَجَازَ أَنْ يَكُونَ دَلِيلًا فِيهِ.

وَهَذَا خِلَافٌ حَدَثَ مِنْهُمْ فِي نَفْيِهِ بَعْدَ أَنْ تَقَدَّمَ بِإِثْبَاتِهِ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ اسْتِدْلَالًا مِنْ وَجْهَيْنِ ظَاهِرٍ مَنْقُولٍ وَمَعْنًى مَعْقُولٍ.

فَأَمَّا الظَّاهِرُ: فَمِنْ وَجْهَيْنِ: الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

فَأَمَّا الْكِتَابُ: فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} [الحشر: ٢] .

وَفِي الِاعْتِبَارِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْعُبُورِ، وَهُوَ تَجَاوُزُ الْمَذْكُورِ إِلَى غَيْرِ الْمَذْكُورِ، وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْعِبْرَةِ: وَهِيَ اعْتِبَارُ الشَّيْءِ بِمِثْلِهِ وَمِنْهُ عِبْرَةُ الْخَرَاجِ أَنْ يُقَاسَ خَرَاجُ عَامٍ بِخَرَاجِ غَيْرِهِ فِي الْمُمَاثَلَةِ.

وَفِي كِلَا الْوَجْهَيْنِ دَلِيلٌ عَلَى الْقِيَاسِ، لِأَنَّهُ أَمَرَ أَنْ يَسْتَدِلَّ بِالشَّيْءِ عَلَى نَظِيرِهِ وَبِالشَّاهِدِ عَلَى الْغَائِبِ.

وَقَالَ تَعَالَى: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قال من يحيي العظام وهي رميم، قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} [يس: ٧٨ - ٧٩] .

فَجَعَلَ خَلْقَ الْأَشْيَاءِ دَلِيلًا عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى، وَهَذَا قِيَاسٌ يَسْتَمِرُّ فِي قَضَايَا الْعُقُولِ، وَلَوْلَا الْقِيَاسُ مَا صَارَ دَلِيلًا.

وَقَالَ تَعَالِيَ: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ} [الروم: ٢٨] .

فَجَعَلَ عَبِيدَنَا لَمَّا لَمْ يُشَارِكُونَا فِي أَمْلَاكِنَا دَلِيلًا عَلَى أَنَّ مَا خَلَقَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي عِبَادَتِهِ، وَبِقِيَاسِ الْعَقْلِ صَارَ هَذَا دَلِيلًا.

وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: ٨٣] .

<<  <  ج: ص:  >  >>