للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقِيَاسَ فِيهَا وَيَكُونُ خُرُوجُهَا عَنِ السَّمْعِ دَلِيلًا عَلَى وُجُوبِ الْجَمْعِ فَتَصِيرُ بِالسَّمْعِ مُخْتَلِفَةً وَبِعَدَمِهِ مُتَّفِقَةً.

فَهَذِهِ أَدِلَّةٌ فِي إِثْبَاتِ الْقِيَاسِ وَإِنْ حذفت أكثرها.

( [أدلة من نفي القياس] )

:

وَاسْتَدَلَّ نُفَاةُ الْقِيَاسِ بِظَوَاهِرَ وَمَعَانٍ:

فَأَمَّا الظَّاهِرُ: فَمِنْ كِتَابٍ وَسُنَّةٍ.

فَأَمَّا الْكِتَابُ: فَاسْتَدَلُّوا مِنْهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: ٥٩] وَهَذَا نَفْيٌ لِلْقِيَاسِ.

وَقَالَ تَعَالَى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: ٣٦] ، وَهَذِهِ صِفَةُ الْقَائِسِ.

وَقَالَ تعالى: {وما ينطق عن الهوى إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٣ - ٤] وَلَيْسَ الْقِيَاسُ مِنَ الْوَحْيِ.

وَقَالَ تَعَالَى: {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حرم} وَالْقَائِسُ مُفْتَرٍ.

وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} [يونس: ٥٩] ؟ وَالْقَائِسُ يُحِلُّ وَيُحَرِّمُ فَصَارَ مُفْتَرِيًا.

وَهَذِهِ الْآي الْخَمْسُ أَقْوَى دَلِيلٍ اسْتَدَلُّوا بِهِ مِنْ ظَاهِرِ الْكِتَابِ وَإِنْ أَكْثَرُوا.

وَالْجَوَابُ عَنْهَا مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُعَادَ عَلَيْهِمْ فِيمَا حَكَمُوا بِهِ مِنْ نَفْيِ الْقِيَاسِ فَيُقَالُ لَهُمْ: قَدْ نَفَيْتُمُوهُ بِمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ، وَمَا لَمْ يَنْزِلْ بِهِ وَحْيٌ، وَبِمَا لَمْ تَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ فَتَسَاوَى الِاسْتِدْلَالُ بِهَا.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْقَائِسَ لَا يُحِلُّ وَلَا يُحَرِّمُ وَإِنَّمَا يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ وَحَرَّمَهُ، فَلَيْسَ يَحْكُمُ إِلَّا عَنْ وَاجِبَاتِ النُّصُوصِ.

وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِالسُّنَّةِ: فَمَا رَوَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِمَوْتِ الْعُلَمَاءِ فَإِذَا مَاتُوا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فضلوا وأضلوا ".

<<  <  ج: ص:  >  >>