الْمُشْرِكَةِ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ بِالتَّشْرِيكِ، وَفِي الْعَامِ الثَّانِي بِإِسْقَاطِ التَّشْرِيكِ وَقَالَ: " تِلْكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا وَهَذِهِ عَلَى مَا قَضَيْنَاهُ "، وَاخْتَلَفَ قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي مِيرَاثِ الْجَدِّ عَلَى أَقَاوِيلَ وَقَالَ فِي بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ: " اجْتَمَعَ رَأْيِي وَرَأْيُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ عَلَى تَحْرِيمِ بَيْعِهِنَّ وَقَدْ رَأَيْتُ أَنَّ بَيْعَهُنَّ جَائِزٌ ". وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ إِلَّا وَقَدِ اخْتَلَفَتْ عَنْهُ الرِّوَايَةُ فِي الْأَحْكَامِ فَسَمَّاهَا أَصْحَابُهُمْ " رِوَايَاتٍ " وَسَمَّاهَا أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ أَقَاوِيلَ وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ لَمْ يَبْتَدِعْهَا الشَّافِعِيُّ، وَهِيَ أَدَلُّ عَلَى الْوَرَعِ وَأَبْعَثُ عَلَى الِاجْتِهَادِ.
وَالْقِسْمُ السَّابِعُ: أَنْ تَبْلُغَهُ سُنَّةٌ لَمْ تَثْبُتْ عِنْدَهُ وَقَدْ عَمِلَ بِالْقِيَاسِ فَيَجْعَلُ قَوْلَهُ مِنْ بَعْدُ مَوْقُوفًا عَلَى ثُبُوتِ السُّنَّةِ، كَالَّذِي جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ مِنَ الصِّيَامِ عَنِ الْمَيِّتِ وَالْغُسْلِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ، رُوِيَا لَهُ مِنْ طَرِيقَيْنِ ضَعِيفَيْنِ فَقَالَ بِمُوجَبِ الْقِيَاسِ بِأَنْ لَا صِيَامَ عَنِ الْمَيِّتِ، وَلَا غُسْلَ مِنْ غُسْلِهِ، ثُمَّ قَالَ مَا رُوِيَ وَقَالَ: " إِنْ صَحَّ الْحَدِيثُ قُلْتُ بِهِ ". فَأَظْهَرَ مُوجَبَ الْقِيَاسِ وَأَوْجَبَ الْعُدُولَ عَنْهُ إِنْ صَحَّ الْحَدِيثُ. وَقَالَ: كُلُّ قَوْلٍ قُلْتُهُ فَثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خِلَافُهُ فَأَنَا أَوَّلُ رَاجِعٍ عَنْهُ. وَهَذَا مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُظْهِرَ الِاخْتِلَافَ فِيهِ وَأَنْ يَقِفَهُ عَلَى السُّنَّةِ إِنْ ثَبَتَتْ، وَعَلَى الْقِيَاسِ إِنْ لَمْ تَثْبُتْ.
وَالْقِسْمُ الثَّامِنُ: أَنْ يَقْصِدَ بِذِكْرِ الْقَوْلَيْنِ إِبْطَالَ مَا تَوَسَّطَهُمَا، وَيَكُونُ مَذْهَبُهُ مِنْهَا مَا فَرَّعَ عَلَيْهِ وَحَكَمَ بِهِ مِثْلَ قَوْلِهِ فِي وَضْعِ الْجَوَائِحِ، وَقَدْ قَدَّرَهَا مَالِكٌ بِوَضْعِ الثُّلُثِ: " لَيْسَ إِلَّا وَاحِدٌ مِنْ قَوْلَيْنِ إِمَّا أَنْ تُوضَعَ جَمِيعُهَا أَوْ لَا يُوضَعُ شَيْءٌ مِنْهَا " وَمِنْ قَوْلِهِ فِي الْجَارِيَةِ الْمُوصَى بِهَا إِذَا وَلَدَتْ أَوْ وُهِبَ لَهَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبْلَ قَبُولِ الْمُوصَى لَهُ لَمَّا جَعَلَ أَهْلُ الْعِرَاقِ بَعْضَ وَلَدِهَا وَبَعْضَ مَا وُهِبَ لَهَا لِوَرَثَةِ الْمُوصِي وَبَعْضَهُ لِلْمُوصَى لَهُ: " لَيْسَ إِلَّا وَاحِدٌ مِنْ قَوْلَيْنِ إِمَّا أَنْ يَمْلِكَهَا الْمُوصَى لَهُ بِالْمَوْتِ فَيَكُونُ كُلَّ ذَلِكَ، وَإِمَّا أَنْ يَمْلِكَهَا بِالْقَبُولِ، فَكُلُّ ذَلِكَ لِلْوَرَثَةِ وَلَيْسَ لِتَبْعِيضِهِ مَعَ عَدَمِ قَوْلٍ ثَالِثٍ وَجْهٌ، وَهَذَا تَحْقِيقٌ يَبْطُلُ بِهِ مَا خَالَفَ الْقَوْلَيْنِ.
وَالْقِسْمُ التَّاسِعُ: أَنْ يَذْكُرَ الْقَوْلَيْنِ إِبْطَالًا لِمَا عَدَاهُمَا وَيَكُونُ مَذْهَبُهُ مَوْقُوفًا عَلَى مَا يُؤَدِّيهِ اجْتِهَادُهُ إِلَيْهِ مِنْ صِحَّةِ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِلًا بِهِمَا، وَمِثْلُ هَذَا قَدْ جَاءَ بِهِ الشَّرْعُ وَالْعَمَلُ.
أَمَّا الشَّرْعُ: فَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ: " الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ ". فَنَفَى أَنْ تَكُونَ فِي غَيْرِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَفِي غَيْرِ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْهُ، وَجَعَلَهَا مَوْقُوفَةً عَلَى الِاجْتِهَادِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ. وَأَمَّا الْعَمَلُ فَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ فِي أَهْلِ الشُّورَى جَعَلَهَا فِي سِتَّةٍ نَفَى بِهِمْ طَلَبَ الْإِمَامِ فِي غَيْرِهِمْ وَوَقَّفَ الْإِمَامَةَ فِيهِمْ عَلَى مَنْ يُؤَدِّي الِاجْتِهَادُ إِلَيْهِ مِنْهُمْ. وَهَذَا عَمَلٌ انْعَقَدَ بِهِ إِجْمَاعُهُمْ.
وَالْقِسْمُ الْعَاشِرُ: أَنْ يَذْكُرَ الْقَوْلَيْنِ لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الِاجْتِهَادِ وَجْهًا، وَلَا يَقْطَعُ بِأَحَدِهِمَا لِاحْتِمَالِ الْأَدِلَّةِ، وَلَا يَعْمَلُ بِهَا لِاخْتِلَافِ الْحُكْمِ، ويفرع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute