للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا: وَلِأَنَّهُ قَدْ خَالَفَ إِمَامَهُ فِي مَفْرُوضِ صَلَاتِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَادِحًا فِيهَا، قِيَاسًا عَلَى مُخَالِفِيهِ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ

وَالدَّلَالَةُ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَاهُ مَا رُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَرَجَ إِلَى بَطْنِ النَّخْلِ لِلْإِصْلَاحِ بَيْنَ بَنِي سُلَيْمٍ، فَفَرَّقَ أَصْحَابَهُ فَرِيقَيْنِ فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ وَسَلَّمَ، وَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ رَكْعَتَيْنِ وَسَلَّمَ ". وَقِيلَ: إِنَّهَا كَانَتْ صَلَاةَ الظُّهْرِ، وَقِيلَ صَلَاةُ الْعَصْرِ

وروي أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَّى بِطَائِفَةٍ الْمَغْرِبَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَسَلَّمَ، وَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَسَلَّمَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ فرضه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِحْدَى الصَّلَاتَيْنِ وَالْأُخْرَى نَافِلَةٌ، وَكِلَاهُمَا لِلْمَأْمُومِينَ فَرِيضَةٌ، فَإِنْ قِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي هَذَا الْوَقْتِ الَّذِي كَانُوا يُصَلُّونَ الْفَرْضَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ

قُلْنَا: إِعَادَةُ الْفَرْضِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ، وَلَا مَرْوِيٍّ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ عَلَى خَلْقِهِ خَمْسِينَ صَلَاةً أَمَرَ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثُمَّ رَدَّهَا بِشَفَاعَتِهِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ إِلَى خَمْسٍ، ثُمَّ اسْتَقَرَّ الْفَرْضُ عَلَيْهَا، وَلَمْ يَفْرِضْهَا عَشْرًا، وَلَا أَمَرَ بِإِعَادَةِ فَرْضٍ مِنْهَا بَعْدَ صِحَّةِ أَدَائِهَا، أَلَا تَرَى إِلَى مَا رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمَّا خَرَجَ مِنَ الْوَادِي وَصَلَّى الصُّبْحَ قِيلَ لَهُ: أَتَقْضِي الصُّبْحَ فِي وَقْتِهَا مِنَ الْغَدِ؟ قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَهَاكُمْ عَنِ الرِّبَا ثُمَّ يَأْمُرُكُمْ بِهِ ". وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ مُعَاذًا كَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْعِشَاءَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى بَنِي سَلَمَةَ فَيُصَلِّيهَا بِقَوْمِهِ، فَأَخَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْعِشَاءَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَصَلَّى مَعَهُ وَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ، فَصَلَّاهَا بِهِمْ، وَاسْتَفْتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ فَخَرَجَ رجل من صلاته فأتم لنفسه، فلما قِيلَ لَهُ نَافَقْتَ؟ فَقَالَ: آتِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَسْأَلُهُ فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّ مُعَاذًا يُصَلِّي مَعَكَ، ثُمَّ يُصَلِّي بِنَا وَإِنَّكَ أَخَّرْتَ الْعِشَاءَ، فَصَلَّى مَعَكَ ثُمَّ صَلَّى بِنَا، وَاسْتَفْتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ وَنَحْنُ أَصْحَابُ نَوَاضِحَ نَعْمَلُ بِأَيْدِينَا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لمعاذ: أقتانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ؟ أَيْنَ أَنْتَ مِنْ سُورَةِ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى؛ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى

فَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ هَذَا أَنَّ مُعَاذًا كَانَ يُؤَدِّي فَرْضَهُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثُمَّ يُصَلِّيهَا بِقَوْمِهِ، فَتَكُونُ لَهُمْ فَرِيضَةً وَلَهُ نافل

فَإِنْ قَالَ أَصْحَابُ أبي حنيفة: كَانَتْ صَلَاتُهُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَافِلَةً، وَبِقَوْمِهِ فَرِيضَةً، قِيلَ: هَذَا لَا يَصِحُّ لثلاثة أشياء:

<<  <  ج: ص:  >  >>