للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ شَهِدُوا فِيمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ " لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ ".

وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا شَهَادَتُهُمْ فِي الْآخِرَةِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّ الرُّسُلَ قَدْ بَلَّغُوا رِسَالَةَ رَبِّهِمْ [أَلَا تَرَى كَيْفَ] قَالَ: {وَيَكُونَ الرسول عليكم شهيدا} [البقرة: ١٤٣] أن ما شهدتهم بِهِ حَقٌّ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ: " الْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ " فَهُوَ أَنَّ مَا أَوْجَبَهُ الْإِسْلَامُ مِنْ عَمَلِ الطَّاعَاتِ وَاجْتِنَابِ الْمَعَاصِي مُوجِبٌ لِعَدَالَتِهِمْ، وَكَذَلِكَ نَقُولُ فِيهِمْ إِذَا عَلِمْنَا ذَلِكَ مِنْهُمْ، وَالْبَحْثُ إِنَّمَا يَتَوَجَّهُ إِلَى الْعِلْمِ بِهَذَا.

وَكَذَا الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِأَنَّ الْفِسْقَ طَارِئٌ فَهُوَ أَنَّ الْعَدَالَةَ بِفِعْلِ الطَّاعَاتِ، وَالْفِسْقَ بِفِعْلِ الْمَعَاصِي، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْفِعْلَيْنِ طَارِئٌ، فَلَمْ يَكُنِ الْأَخْذُ بِأَحَدِهِمَا أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ: لَمَّا اعْتُبِرَ ظَاهِرُ إِسْلَامِهِ اعْتُبِرَ ظَاهِرُ عَدَالَتِهِ فَهُوَ أَنَّ الْإِسْلَامَ اعْتِقَادٌ يَخْفَى فَعَمِلَ فِيهِ عَلَى الظَّاهِرِ، وَالْعَدَالَةُ وَالْفِسْقُ بِأَفْعَالٍ تَظْهَرُ فَأَوْجَبَتِ الْبَحْثَ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ عَدَالَةِ الرُّوَاةِ: فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهَا عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ تُعْتَبَرُ فِيهِمْ عَدَالَةُ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ كَالشَّهَادَةِ وَلَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُمْ إِلَّا بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْ عَدَالَتِهِمْ فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَسْقُطُ الِاسْتِدْلَالُ وَهُوَ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِمْ عَدَالَةُ الظَّاهِرِ وَيُعْتَبَرُ فِي الشُّهُودِ عَدَالَةُ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ أَخْبَارَ الدِّيَانَاتِ يَسْتَوِي فيه الْمُخْبِرُ وَغَيْرُ الْمُخْبِرِ، فَكَانَتِ التُّهْمَةُ مُنْتَفِيَةً وَالِاعْتِبَارُ أَخَفَّ، وَالشَّهَادَةُ يَخْتَلِفُ فِيهَا الشَّاهِدُ وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ، فَكَانَتِ التُّهْمَةُ مُتَوَجِّهَةً وَالِاعْتِبَارُ أَغْلَظَ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ [قَدْ يُقْبَلُ فِي الرِّوَايَةِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ مَنْ لَمْ يُقْبَلْ فِي الشَّهَادَةِ وَيُقْبَلُ خَبَرُ الرَّاوِي مَعَ وُجُودِ الْمَرْوِيِّ عَنْهُ، وَتُقْبَلُ مِنْهَا رِوَايَةُ الْوَاحِدِ عَنِ الْوَاحِدِ وَهِيَ الَّتِي تُسَمَّى الْعَنْعَنَةُ، لِقَوْلِهِ حَدَّثَنِي فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ. وَمِثْلُ هَذَا كُلِّهِ لَا يَجُوزُ فِي الشَّهَادَةِ] كَذَلِكَ حال العدالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>