للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهُمَا: لَا يَسْمَعُهَا كَمَا لَا يَسْمَعُهَا عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الدَّعْوَى فِي الْأَمْلَاكِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَسْمَعُهَا فِي الزَّوْجِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فِي الْأَمْلَاكِ، لِمَا يَلْزَمُ مِنْ فَضْلِ الِاحْتِيَاطِ فِي حِفْظِ الْفُرُوجِ، وَلَوْ لَمْ تَذْكُرْ خُرُوجَهَا إِلَى بَلَدِهِ لَمْ يَسْمَعْ بَيِّنَتَهَا وَجْهًا وَاحِدًا.

وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا: أَنَّ أَمَةً لَوْ كَانَتْ فِي يَدِ رَجُلٍ، فَأَحْضَرَهَا إِلَى الْقَاضِي، وَذَكَرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ، وَدَفَعَ إِلَيْهِ ثَمَنَهَا، وَسَأَلَ الْقَاضِيَ أَنْ يَسْمَعَ بَيِّنَتَهُ عَلَى ابْتِيَاعِهَا وَدَفْعِ ثَمَنِهَا، لَمْ يَسْمَعْهَا مِنْهُ، فَإِنِ اسْتُحِقَّتِ الْأَمَةُ مِنْ يَدِهِ بِبَيِّنَةٍ شَهِدَتْ بِهَا لِمُسْتَحِقِّهَا جَازَ لِلْقَاضِي حِينَئِذٍ أَنْ يَسْمَعَ بَيِّنَتَهُ بِابْتِيَاعِهَا مِنَ الْغَائِبِ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهَا قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِلرُّجُوعِ بِدَرَكِهَا بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ، وَغَيْرُ مُسْتَحِقٍّ لِلدَّرَكِ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ.

وَهَكَذَا لَوِ ادَّعَتِ الْأَمَةُ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ، وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً بِحُرِّيَّتِهَا فَسَأَلَ صَاحِبَ الْيَدِ أَنْ يَسْمَعَ بَيِّنَتَهُ بِابْتِيَاعِهَا مِنَ الْغَائِبِ سَمِعَهَا لِاسْتِحْقَاقِهِ الرُّجُوعَ بِدَرَكِهَا.

وَلَوْ أَنَّ الْأَمَةَ حِينَ قَالَتْ إِنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ عدمت البينة ولم يتقدم إقراراها بِالرِّقِّ قُبِلَ قَوْلُهَا فِي حُرِّيَّتِهَا وَأُحْلِفَتْ لِصَاحِبِ الْيَدِ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ أَصْلٌ لَا يَطْرَأُ عَلَيْهِ الرِّقُّ.

فَإِنْ سَأَلَ صَاحِبُ الْيَدِ أَنْ تُسْمَعَ بينته بابتياعها من الغائب ليرجع يدركها عَلَيْهِ، لَمْ يَسْمَعْهَا الْقَاضِي وَلَمْ يُكَاتِبْ بِهَا.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ بَيِّنَتَهَا بِالْحُرِّيَّةِ مَسْمُوعَةٌ عَلَى كُلِّ ذِي يَدٍ ثَابِتَةٍ وَزَائِلَةٍ، وَقَوْلَهَا فِي الْحُرِّيَّةِ مَقْبُولٌ، عَلَى ذِي الْيَدِ الثَّابِتَةِ.

وَيَسْتَحِقُّ صَاحِبُ الْيَدِ إِحْلَافَ الْبَائِعِ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِحُرَّةٍ فَإِنْ سَأَلَ الْقَاضِي أَنْ يَكْتُبَ لَهُ بِمَا حَكَمَ بِهِ مِنْ حُرِّيَّتِهَا كَتَبَ لَهُ بِإِحْلَافِ الْبَائِعِ، وَلَمْ يَكْتُبْ لَهُ بِرُجُوعِ الدَّرَكِ عَلَى الْبَائِعِ.

وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا: أَنْ يَشْهَدَ عِنْدَ القاضي شاهد واحد يملك لِرَجُلٍ فَيَذْكُرُ الْمَشْهُودُ لَهُ أَنَّ لَهُ شَاهِدًا آخَرَ فِي بَلَدٍ آخَرَ وَيَسْأَلُ الْقَاضِيَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى قَاضِي ذَلِكَ الْبَلَدِ بِمَا شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ عِنْدَهُ فَهَذَا مُعْتَبَرٌ بِالْمِلْكِ.

فَإِنْ كَانَ فِي بَلَدِ الْقَاضِي الْآخَرِ كَتَبَ لَهُ بِشَهَادَةِ مَنْ شَهِدَ عِنْدَهُ لِيَتَوَلَّى ذَلِكَ الْحَاكِمُ تَكْمِيلَ الْبَيِّنَةِ وَتَنْفِيذَ الْحُكْمِ.

وَإِنْ كَانَ الْمَلِكُ فِي بَلَدِ هَذَا الْقَاضِي لَمْ يَكْتُبْ لَهُ بِالشَّهَادَةِ، وَأَخَذَ كِتَابَ ذَلِكَ الْقَاضِي بِمَا شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ الْآخَرُ لِيَتَوَلَّى هَذَا الْقَاضِي تَنْفِيذَ الْحُكْمِ بِالشَّاهِدَيْنِ.

وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا أَنَّ رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً لَوِ ادَّعَى وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَنَّ لَهُ وَلَدًا حُرًّا فِي بَلَدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>