للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ خَيْرَانِ إِنَّهَا لَا تُقَسَّمُ إِجْبَارًا وَتُقَسَّمُ اخْتِيَارًا لِأَنَّهَا مَضْمُونَةٌ بِالْقِيمَةِ دُونَ الْمِثْلِ.

وَأَصْلُ ذَلِكَ، حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ: أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ، لَا مَالَ لَهُ غَيْرَهُمْ، فَجَزَّأَهُمْ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً فَجَعَلَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ دَلِيلًا عَلَى قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ، وَحَمَلَهُ ابْنُ خَيْرَانَ عَلَى جَوَازِهِ فِي الْعِتْقِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْحُرِّيَّةِ.

وَقَدْ أَجَازَ الشَّافِعِيُّ قِسْمَةَ الْكِلَابِ مَعَ الْغَنَمِ كَمَا أَجَازَ الْوَصِيَّةَ بِهَا.

فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ أَجَازَ قَسْمَهَا إِجْبَارًا وَجْهًا وَاحِدًا لِلنَّصِّ عَلَيْهِ وَأَنَّهَا لِخُرُوجِهَا عَنِ الْقِيمَةِ تَجْرِي مَجْرَى ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ.

وَمِنْهُمْ مَنْ خَرَّجَ إِجَازَةَ قَسْمِهَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَجَعَلَ هَذَا النَّصَّ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ أَصَحُّهُمَا.

وَعَلَى قِيَاسِ الْحَيَوَانِ يَكُونُ قَسْمُ الْآلَاتِ مِنَ الْخَشَبِ، كَالْأَوَانِي، وَالْأَبْوَابِ، وَالْأَسَاطِينِ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ وَتَفَاضَلَتْ قُسِّمَتِ اخْتِيَارًا وَلَمْ تقسم إجبارا، وإن تماثلت ففي قسمها إجبارا وَجْهَانِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْحَيَوَانِ.

وَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَسْمُ الثِّيَابِ إِنِ اخْتَلَفَتْ وَتَفَاضَلَتْ قُسِّمَتِ اخْتِيَارًا وَلَمْ تُقَسَّمْ إِجْبَارًا، وَإِنْ تَمَاثَلَتْ فَفِي قَسْمِهَا إِجْبَارًا وَجْهَانِ.

فَأَمَّا قَسْمُ الثَّوْبِ الْوَاحِدِ فَإِنِ اخْتَلَفَ لِاخْتِلَافِ نُقُوشِهِ وَأَلْوَانِهِ قُسِّمَ اخْتِيَارًا وَلَمْ يُقَسَّمْ إِجْبَارًا.

وَإِنْ تَمَاثَلَ وَلَمْ يَخْتَلِفْ نُظِرَ، فَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِقَسْمِهِ لَمْ يُقَسَّمْ إِجْبَارًا، وَقُسِّمَ اخْتِيَارًا، وَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ، فَفِي قَسْمِهِ إِجْبَارًا وَجْهَانِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ تَكُونُ قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ فِي الْحَمَّامَيْنِ الْمُتَمَاثِلَيْنِ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرْتُمُوهُ فِي قِسْمَةِ الْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ.

قِيلَ: قَدْ كَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يُخَرِّجُ إِجْبَارَ قَسْمِهَا بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى وَجْهَيْنِ، كَالْحَيَوَانِ، وَالثِّيَابِ، وَيُفَرِّقُ بَيْنَ قَسْمِ الدَّارَيْنِ، حَيْثُ لَمْ يَقَعْ فِي إِفْرَادِهَا إِجْبَارٌ، وَوَقَعَ فِي قسم الحمامين إجبار إن كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنَ الدَّارَيْنِ يُمْكِنُ أَنْ تُقَسَّمَ إِجْبَارًا، فَلَمْ يَقَعْ فِي إِفْرَادِهِمَا إِجْبَارٌ، وَالْحَمَّامُ الْوَاحِدُ لَا يَقَعُ فِي قَسْمِهِ إِجْبَارٌ، فَجَازَ أَنْ يَقَعَ فِي إِفْرَادِهِمَا بِالْقِسْمَةِ إِذَا اجْتَمَعَا إِجْبَارٌ.

وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ: لَا يَقَعُ فِي قَسْمِ الْحَمَّامَيْنِ إِجْبَارٌ، كَمَا لَمْ يقع في

<<  <  ج: ص:  >  >>