للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحالة الثَّالِثَةُ: عِنْدَ الْقِيَامِ إِلَى الصَّلَاةِ، لِرِوَايَةِ عَبْدِ الله بن حنظلة بن أبي عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمَرَ بِالْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ، طَاهِرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ طَاهِرٍ، فَلَمَّا شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، أَمَرَ بالسواك لكل صلاة.

والحالة الرابعة: عند قراءة القرآن، لقوله عليه السلام: " السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ لِلرَبِّ ". وَالْفَمُ قَدْ يَتَغَيَّرُ فِي أَرْبَعَةِ أَحْوَالٍ: إِمَّا عِنْدَ كَثْرَةِ الْكَلَامِ، وَإِمَّا بِطُولِ السُّكُوتِ، وَإِمَّا بِشِدَّةِ الْجُوعِ، وَإِمَّا لِأَكْلِ مَا يُغَيِّرُ الْفَمَ مِنَ الْأَشْيَاءِ الْمُرِيحَةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالِاسْتِيقَاظُ مِنَ النَّوْمِ، وَالْأَزْمُ، وَفِي الْأَزْمِ تَأْوِيلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ الْجُوعُ، وَمِنْهُ مَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَأَلَ الْحَارِثَ بْنَ كَلَدَةَ، وَكَانَ طبيب العرق فَقَالَ: مَا أَلَذُّ؟ فَقَالَ: الْأَكْلُ، فَقَالَ: وَمَا الدَّوَاءُ؟ قَالَ: الْأَزْمُ. يَعْنِي الْجُوعَ وَالِاحْتِمَاءَ. وَقَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:

(الْمُطْعِمُونَ إِذَا مَا أَزْمَةٌ ... وَالطَّيِّبُونَ ثِيَابًا كُلَّمَا عَرِقُوا)

وَالثَّانِي: أَنَّهُ السُّكُوتُ، وهو في اللغة: الإمساك، فتارة يقربه عَنِ الْجُوعِ، لِأَنَّهُ إِمْسَاكٌ عَنِ الْأَكْلِ، وَتَارَةً يُعَبِّرُ بِهِ عَنِ السُّكُوتِ، لِأَنَّهُ إِمْسَاكٌ عَنِ الكلام.

فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا وَصَفْنَا، فَقَدْ قَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ: السِّوَاكُ مَأْخُوذٌ مِنَ الِاضْطِرَابِ وَالتَّحَرُّكِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: تَسَاوَكَتِ الْإِبِلُ، إِذَا اضْطَرَبَتْ أَعْنَاقُهَا مِنَ الْهُزَالِ، وَأَنْشَدَ قَوْلَ الشَّاعِرِ

(إِلَى اللَّهِ أشكوا مَا أَرَى بِجِيَادِنَا ... تَسَاوَكُ هَزْلَى مُخُّهُنَّ قَلِيلُ)

وَالْكَلَامُ فِي السِّوَاكِ يَشْتَمِلُ عَلَى فَصْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: فِي صِفَةِ السِّوَاكِ.

وَالثَّانِي: مَا يُسْتَحَبُّ بِهِ السِّوَاكُ.

فَأَمَّا صِفَةُ السِّوَاكِ، فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَاكَ عرضا في ظاهر الأسنان. وباطنها، ويمر السوك على أطراف أسنانه، وكراسي أضراسه، ليجلوا جَمِيعًا مِنَ الصُّفْرَةِ، وَالتَّغَيُّرِ، وَمَمَرُّهُ عَلَى سَقْفِ حَلْقِهِ إِمْرَارًا خَفِيفًا لِيَزُولَ الْخُلُوفُ عَنْهُ، فَقَدْ كان النبي عليه السلام يشوص فاه

<<  <  ج: ص:  >  >>