للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَبْدِ اللَّهِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وَلَعَلَّهُ قَدْ رَوَاهُ غَيْرُهُمْ، فَكَانَ مِنْ أَشْهَرِ الْأَحَادِيثِ وَأَثْبَتِهَا، وَقَدْ قَضَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِالْكُوفَةِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ عَلَى الْمِنْبَرِ.

مَعْنَاهُ: أَنَّهُ أَحْلَفَ الْمُدَّعِيَ قَائِمًا عَلَى الْمِنْبَرِ، لَا أَنَّهُ حَكَمَ بِهِ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ.

فَاعْتَرَضُوا عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: الطَّعْنُ فِيهِ وَالْقَدْحُ فِي صِحَّتِهِ بِمَا حَكَوْهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ: أَنْ لَيْسَ فِي الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَبَرٌ يَصِحُّ.

وَهَذَا الْقَدْحُ فَاسِدٌ، لِأَنَّ مَالِكًا، وَالشَّافِعِيَّ قَدْ أَثْبَتَاهُ، وَقَالَا بِهِ، وَهَمَّا أَعْرَفُ بِصِحَّةِ الْحَدِيثِ وَأَقْرَبُ إِلَى زَمَنِ مَعْرِفَتِهِ مِنْ يَحْيَى، وَإِنْ كَانَ الْحِكَايَةُ عَنْهُ فِي قَدْحِهِ ضَعِيفَةً، وَقَدْ أَثْبَتَهُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ فِي الصَّحِيحِ.

وَالِاعْتِرَاضُ الثَّانِي: بَعْدَ تَسْلِيمِ صِحَّتِهِ أَنْ قَالُوا: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَضَى بِشَهَادَةِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَضَى بِشَهَادَتِهِ وَحْدَهُ، وَسَمَّاهُ ذَا الشَّهَادَتَيْنِ، وَهَذِهِ الشَّهَادَةُ يَخُصُّ بِهَا خُزَيْمَةَ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تُعْتَبَرَ فِي غَيْرِهِ. وَعَنْهُ جَوَابَانِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّ خُزَيْمَةَ إِنَّمَا شَهِدَ وَحْدَهُ فِي قِصَّةِ الْأَعْرَابِيِّ حِينَ بَاعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَرَسًا، ثُمَّ جَحَدَهُ إِلَى أَنْ شَهِدَ خُزَيْمَةُ فَاعْتَرَفَ الْأَعْرَابِيُّ بَعْدَ شَهَادَتِهِ، فَلَمْ يَخْتَصَّ خُزَيْمَةُ إِلَّا بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ.

وَالثَّانِي: إِنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي شَهَادَةِ خُزَيْمَةَ، لَمَا احْتَاجَ إِلَى إِحْلَافِ الْمُدَّعِي مَعَ شَهَادَتِهِ.

وَالِاعْتِرَاضُ الثَّالِثُ: أَنْ قَالُوا: اسْتِعْمَالُ الْحَدِيثِ، أَنَّهُ قَضَى بِيَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ شَاهِدِ الْمُدَّعِي، لِقُصُورِ بَيِّنَتِهِ، فِي نَقْصِهَا عَنْ عَدَدِ الْكَمَالِ. وَعَنْهُ جَوَابَانِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّ قَضَاءَهُ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ مُوجِبٌ أَنْ يَكُونَ الْقَضَاءُ مُتَعَلِّقًا بِهِمَا، وَهَذَا عَلَى مَا قَالُوهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْيَمِينِ دُونَ الشَّاهِدِ.

وَالثَّانِي: إِنَّ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَضَى بِالشَّاهِدِ الْوَاحِدِ مَعَ يَمِينِ مَنْ لَهُ الحق إبطالا لهذا الاعتراض وإبطالا لهذه التَّأْوِيلِ.

وَيَدُلُّ عَلَيْهِ انْعِقَادُ الْإِجْمَاعِ بِهِ، فَقَدْ قَضَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِالْكُوفَةِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ أَحْلَفَ الْمُدَّعِيَ قَائِمًا، لَا أَنَّهُ حَكَمَ وَهُوَ عَلَى المنبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>