للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحُكِيَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَطَائِفَةٍ مِنَ الشِّيعَةِ وَرُبَّمَا عُزِيَ إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ شُرْبَ الْفُقَاعِ وَالْقَارِصِ حَرَامٌ.

لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " كُلُّ مُخَمَّرٍ خَمْرٌ ".

وَرُوِيَ أَنَّ عليا عليه السلام مَرَّ عَلَى بَائِعِ فُقَاعٍ فَقَالَ: مِنْ خِمَارٍ مَا أَوْقَحَكَ.

وَهَذَا تَأْوِيلٌ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى خِلَافِهِ وَوَرَدَتِ السُّنَّةُ بِرَدِّهِ.

وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: " كُنَّا نَنْبِذُ لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى غَذَائِهِ فَيَشْرَبُهُ عَلَى عَشَائِهِ، وَننُبِذَ لَهُ عَلَى عَشَائِهِ فَيَشْرَبُهُ عَلَى غَذَائِهِ ".

وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّا لِنَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الْأَطْعِمَةِ الْغَلِيظَةِ وَنَشْرَبُ عَلَيْهَا مِنْ هَذِهِ الْأَنْبِذَةِ الشَّدِيدَةِ فَنَقْطَعُهَا فِي أَجْوَافِنَا. يَعْنِي قَبْلَ أَنْ يُسْكِرَ.

وَلِأَنَّ عِلَّةَ التَّحْرِيمِ السُّكْرُ، فَمَا لَمْ يُسْكِرْ لَمْ يُحَرَّمْ كَسَائِرِ الْأَشْرِبَةِ.

وَالِاسْتِدْلَالُ بِالْخَبَرِ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ.

وَلَوْ كَانَ الْفُقَاعُ حَرَامًا عِنْدَ علي عليه السلام لَأَظْهَرَ مِنَ الْإِنْكَارِ وَالْمَنْعِ مَا يَجِبُ بِإِظْهَارِ الْمُنْكَرِ، وَلَمَا اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مَعَ الْإِقْرَارِ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنَ الْمُنْصِفِ وَالْخَلِيطَينِ، فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي صِفَتِهَا عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُنْصِفَ مَا طُبِخَ حَتَّى ذَهَبَ نِصْفُهُ، وَالْخَلِيطَانِ خَلِيطُ الْبُسْرِ بِالزبيبِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُنْصِفَ مَا يُنْصَفُ مِنْ تَمْرٍ وَزَبِيبٍ وَالْخَلِيطَانِ خَلِيطُ الْبُسْرِ بِالرُّطَبِ.

وَإِنْ كَانَ هَذَا مُسْكِرًا فَهُوَ حَرَامٌ، وَإِنْ لَمْ يُسْكِرْ فَفِي كَرَاهَتِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يُكْرَهُ كَمَا لَا تُكْرَهُ سَائِرُ الْأَشْرِبَةِ الَّتِي لَا تُسْكِرُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُكْرَهُ وَإِنْ لَمْ يُكْرَهْ غَيْرُهَا. لِوُرُودِ الشَّرْعِ بِالنَّهْيِ عَنْهَا.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إِسْرَاعُ الْإِدْرَاكِ إِلَيْهَا قَبْلَ غيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>