للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأذاهم ولا يمتدح فيكثر الكذب المحض ولا يتشبب بامرأة بعينها ولا يشهرها بما يشينها فجائز الشهادة وإن كان على خلاف ذلك لم تجز ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي شَهَادَةِ الشَّاعِرِ إِذَا صَارَ بِالشِّعْرِ مَشْهُورًا وَإِلَيْهِ مَنْسُوبًا، فَمَنَعَ قَوْمٌ مِنْ قَبُولِهَا وَجَعَلُوا تَوَفُّرَهُ عَلَى الشِّعْرِ جَرْحًا تَمَسُّكًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ} [الشعراء: ٢٢٤] .

وَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: " لأن يمتلىء جوف أحدكم قبحا حتى يريه خير من أن يمتلىء شِعْرًا ".

وَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ قَرْضَ الشِّعْرِ وَإِنْشَادَهُ إِذَا كَانَ سَلِيمًا لَيْسَ بِجَرْحٍ، وَشَهَادَةُ مَنِ انْتَسَبَ إِلَيْهِ مَقْبُولَةٌ عَلَى ما سنوضحه من شرح وتفضيل لِرِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الشِّعْرُ بِمَنْزِلَةِ الْكَلَامِ حَسَنُهُ كَحَسِنِ الْكَلَامِ وَقَبِيحُهُ كَقَبِيحِ الْكَلَامِ ".

وَرُوِيَ عَنْ عِصْمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً. وَإِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا وَإِنَّ أَصْدَقَ بَيْتٍ قَالَتْهُ الْعَرَبُ:

(أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلُ ... ... ... ... ... ... ... )

ولأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَدْ وَفَدَ عَلَيْهِ الشُّعَرَاءُ فَأَنْشَدُوهُ وَمَدَحُوهُ وَأَثَابَ عليه ولم ينه عنه، فمنهم أعشى ابن حِرْمَازٍ وَفَدَ عَلَيْهِ وَأَنْشَدَهُ مَا امْتَدَحَهُ بِهِ فَقَالَ:

(يَا مَالِكَ الْأَرْضِ وَدَيَّانَ الْعَرَبْ ... إِلَيْكَ أَشْكُو حِقْبَةً مِنَ الْحِقَبْ)

إِلَى أَنِ انْتَهَى إلى شكوى امرأته.

<<  <  ج: ص:  >  >>