للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَحَمُّلُهُ إِلَّا بِالِاسْتِرْعَاءِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاحْتِمَالِ بِالْوَعْدِ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، لِأَنَّ ذِكْرَ السَّبَبِ تَعْيِينٌ مِنْ الِاحْتِمَالِ.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدُ الْأَصْلِ بِالشَّهَادَةِ عِنْدَ الْحَاكِمِ، فَإِنْ سَمِعَهُ شَاهِدُ الْفَرْعِ صَحَّ تَحَمُّلُهُ لَهَا وَإِنْ لَمْ يَسْتَرْعِهِ إِيَّاهَا، لِأَنَّ الْحَاكِمَ مُلْزَمٌ، فَلَمْ تَكُنِ الشَّهَادَةُ عِنْدَهُ إِلَّا بِمَا لَزِمَ.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَقُولَ شَاهِدُ الْأَصْلِ: أَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ أَلْفًا. فَإِذَا سَمِعَهُ شَاهِدُ الْفَرْعِ لَمْ يَصِحَّ تَحَمُّلُهُ إِلَّا بِالِاسْتِرْعَاءِ وَجْهًا وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَ فِي الْمُقِرِّ عَلَى وَجْهَيْنِ:

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُقِرِّ وَالشَّاهِدِ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْحَقَّ فِي الشَّاهِدِ لَازِمٌ لِغَيْرِ الشَّاهِدِ، فَوَجَبَ أَنْ يُغَلَّظَ حُكْمُهُ بِالِاسْتِرْعَاءِ لِيَتَحَقَّقَ صِحَّةُ الْإِلْزَامِ بِنَفْسِ الِاحْتِمَالِ.

وَالْحَقُّ فِي الْإِقْرَارِ لَازِمٌ لِلْمُقِرِّ لَا يَتَعَدَّاهُ فَيَتَحَقَّقُ حُكْمُهُ فِي صِحَّةِ الْإِلْزَامِ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهِ احْتِمَالٌ لَمَا اسْتَظْهَرَ بِهِ لِنَفْسِهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْإِقْرَارَ خَبَرٌ وَشُرُوطُ الشَّهَادَةِ أَغْلَظُ مِنْ شُرُوطِ الْخَبَرِ لِصِحَّةِ إِخْبَارِ مَنْ لَا يَصِحُّ شَهَادَتُهُ مِنَ الْعَبِيدِ وَالنِّسَاءِ، وَلِذَلِكَ اعْتُبِرَ الِاسْتِرْعَاءُ فِي الشَّهَادَةِ وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ فِي الْإِقْرَارِ، وَلِذَلِكَ قَبِلَ رُجُوعِ الشَّاهِدِ وَلَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُ الْمُقِرِّ.

وَإِذَا كَانَ الِاسْتِرْعَاءُ مُعْتَبَرًا فِي الشَّهَادَةِ فَالِاسْتِرْعَاءُ أَنْ يَقُولَ شَاهِدُ الْأَصْلِ لِشَاهِدِ الْفَرْعِ:

" أَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ أَلْفًا فَاشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي وَعَنْ شَهَادَتِي ".

فَأَمَّا قَوْلُهُ: " فَاشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي " اسْتِرْعَاءٌ لَا يَصِحُّ التَّحَمُّلُ إِلَّا بِهِ.

" فَلَوْ قَالَ فَاشْهَدْ أَنْتَ بِهَا " لَمْ يَكُنِ اسْتِرْعَاءٌ، حَتَّى يَقُولَ: " فَاشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: " وَعَنْ شَهَادَتِي " فَهُوَ إِذْنٌ لَهُ فِي النِّيَابَةِ عَنْهُ فِي الْأَدَاءِ.

وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ التَّحَمُّلِ وَمُعْتَبَرٌ فِي جَوَازِ الْأَدَاءِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ شَرْطٌ مُعْتَبَرٌ فِي صِحَّةِ التَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ، لِأَنَّ شَاهِدَ الْفَرْعِ نَائِبٌ عَنْ شَاهِدِ الْأَصْلِ فِي الْأَدَاءِ فَاعْتُبِرَ فِيهِ الْإِذْنُ بِالنِّيَابَةِ كَالْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ، وَهَذَا قَوْلُ الْبَصْرِيِّينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>