للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: إِنَّ مَا كَانَ مِنْهَا مِلْكًا يُعْتَاضُ عَنْهُ، وَيَصِيرُ فِي الثَّانِي يُعْتَاضُ عَنْهُ كَجُلُودِ الْمَيْتَةِ كَانَتِ الْيَدُ عَلَيْهَا يَدُ مِلْكٍ اعتبارا بالطرفين وما خرج عن أملاك المعارضة فِي طَرَفَيْهِ، كَالْكِلَابِ، وَالْأَنْجَاسِ، كَانَتِ الْيَدُ عَلَيْهَا يَدُ انْتِفَاعٍ لَا يَدَ مِلْكٍ فَإِذَا تَوَجَّهَتِ الدَّعْوَى إِلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا، لَمْ يَخْلُ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَاقِيًا أَوْ تَالِفًا.،

فَإِنْ كَانَ تَالِفًا كَانَتِ الدَّعْوَى فِيهِ بَاطِلَةً، لِأَنَّه لَا يُسْتَحَقُّ بِتَلَفِهَا مِثْلٌ، وَلَا قِيمَةٌ، وَإِنْ كانت باقية لم يخل أن يدعيها بمعارضة، أَوْ غَيْرِ مُعَاوِضَةٍ.

فَإِنِ ادَّعَاهَا بِمُعَاوَضَةٍ أَنَّهُ ابْتَاعَهَا، كَانَتِ الدَّعْوَى فَاسِدَةٌ، لِأَنَّها لَا تُمْلَكُ بِالِابْتِيَاعِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ دَفَعَ ثَمَنَهَا، فَتَكُونُ دَعْوَاهُ مُتَوَجِّهَةً إِلَى الثَّمَنِ إِنْ طَلَبَهُ، وَيَكُونُ ذِكْرُ ابْتِيَاعِهَا إِخْبَارًا عَنِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِاسْتِرْجَاعِ الثَّمَنِ بِهِ، وَإِنِ ادَّعَاهَا بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ فَقَدْ تَصِحُّ دَعْوَاهَا فِي أَحَدِ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ تُغْصَبَ مِنْهُ، فَتَصِحُّ دَعْوَى غَصْبِهَا.

وَالثَّانِي: أَنْ يُوصِيَ بِهَا، فَتَصِحُّ دَعْوَى الْوَصِيَّةِ بِهَا.

وَالثَّالِثُ: أَنْ تُوهَبَ لَهُ، فَتَصِحُّ دَعْوَى هِبَتِهَا.

فَإِنْ أَطْلَقَ الدَّعْوَى وَلَمْ يُفَسِّرْهَا، بِمَا تَصِحُّ بِهِ أَوْ تَفْسُدَ، فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيمَا يَكُونُ مِنَ الْحَاكِمِ فِيهَا عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَسْتَفْسِرُ لِيَعْمَلَ عَلَى تَفْسِيرِهِ فِي صِحَّتِهَا، وَفَسَادِهَا، لِأَنَّه مَنْدُوبٌ لِفَصْلِ مَا اشْتَبَهَ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يُمْسِكَهُ مُتَوَقِّفًا عَنْهُمَا، وَلَا يَسْتَفْسِرَهُ إِيَّاهَا، ليكون هو المبتدىء بِتَفْسِيرِهَا، لِأَنَّ اسْتِيفَاءَ دَعْوَاهُ حَقٌّ لَهُ، يَقِفُ عَلَى خِيَارِهِ.

وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: مَا تُقَرُّ عَلَيْهِ الْيَدُ مِلْكًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ مَالِكٍ إِلَى مَالِكٍ كَالْوَقْفِ وَأُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَالدَّعْوَى فِيهِ عَلَى الْمَالِكِ فَاسِدَةٌ، لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْمَعَهَا الْحَاكِمُ عَلَى مَالِكٍ لِاسْتِحَالَةِ انْتِقَالِهِ عَنْ مالكه إِلَى مِلْكِ غَيْرِهِ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ ابْتِيَاعَهُ لِاسْتِرْجَاعِ الثَّمَنِ، فَتَكُونُ الدَّعْوَى مُتَوَجِّهَةً إِلَى الثَّمَنِ وَيَكُونُ ذِكْرُ ابْتِيَاعِهِ إِخْبَارًا عَنِ السَّبَبِ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَدَّعِيَ الْوَقْفَ وَأُمَّ الْوَلَدِ عَلَى غَاصِبِهَا، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِيَا عَلَى مَالِكِهِمَا.

وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّالِثُ: فِي الْأَصْلِ وَهُوَ مَا عَادَ فَسَادُهُ إِلَى سَبَبِ الدَّعْوَى وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: عَقْدٌ - وَمُقْتَضَى عَقْدٍ:

فَأَمَّا الْعَقْدُ فَكَالْبَيْعِ، إِذَا ادَّعَى مَا ابْتَاعَهُ وَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ: صَحِيحٌ وَمُتَّفَقٌ عَلَى فَسَادِهِ، وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>