للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا، وَبِمَا رُوِيَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ كَيْفَ أَتَوَضَّأُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: تَوَضَأْ كَمَا أَمَرَكَ اللَّهُ، اغْسِلْ وَجْهَكَ وَذِرَاعَيْكَ وَامْسَحْ بِرَأْسِكَ وَاغْسِلْ رِجْلَيْكَ.

فَأَجَابَهُ عَلَى مَا تَضَمَّنَتْهُ الْآيَةُ مِنْ غَسْلِ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ دُونَ النِّيَّةِ.

قَالُوا: وَلِأَنَّهَا طَهَارَةٌ بِالْمَاءِ فَوَجَبَ أَلَّا تَفْتَقِرَ إلى نية كإزالة النجاسة.

قالوا: وَلِأَنَّهُ أَصْلٌ يُسْتَبَاحُ بِهِ الصَّلَاةُ فَوَجَبَ أَلَّا يفتقر إلى نية كستر العورة.

قالوا: وَلِأَنَّ النِّيَّةَ لَوْ كَانَتْ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الطَّهَارَةِ لَمَا صَحَّ غُسْلُ الذِّمِّيَّةِ مِنَ الْحَيْضِ، وَلَمَا اسْتَبَاحَ الزَّوْجُ الْمُسْلِمُ وَطْأَهَا، وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى صِحَّةِ غُسْلِهَا وَجَوَازِ وَطْئِهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النِّيَّةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ طَهَارَتِهَا.

وَدَلِيلُنَا قَوْله تَعَالَى: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: ٥] [فَأُمِرُوا] بِالْإِخْلَاصِ فِي الْعِبَادَةِ وَالْإِخْلَاصُ عَمَلُ الْقَلْبِ.

وَقَالَ تَعَالَى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦] . وَمِنْهَا دَلِيلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أنَّ قَوْلَهُ: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦] . يَعْنِي: لِلصَّلَاةِ فَحُذِفَ ذِكْرُهَا اكْتِفَاءً بِمَا تَقَدَّمَ مِنْهُ كَمَا يُقَالُ: إِذَا رَأَيْتَ الْأَمِيرَ فَقُمْ يَعْنِي: لِلْأَمِيرِ. وَإِذَا رَأَيْتَ الْأَسَدَ فَتَأَهَّبْ يَعْنِي: لِلْأَسَدِ، وَمِثْلُهُ قَوْله تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] . يَعْنِي: لِلسَّرِقَةِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا} [المائدة: ٦] . يَعْنِي: قَبْلَ قِيَامِكُمْ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ لِإِرَادَةِ الصَّلَاةِ.

وَمِنَ السُّنَّةِ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبراهيم التميمي عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَلَى الْمِنْبَرِ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>