فَإِنْ عَدِمَتِ الْبَيِّنَةُ. كَانَ مِيرَاثُهُ مَوْقُوفًا، حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ، فَيُعْمَلَ عَلَى الْبَيَانِ، أَوْ يَتَصَادَقُوا عَلَيْهِ فَيُعْمَلَ عَلَى التَّصَادُقِ، أَوْ يَصْطَلِحُوا عَلَيْهِ، فَيُجَازُ الصُّلْحُ فَإِنْ وُجِدَتِ الْبَيِّنَةُ فَإِنْ تَفَرَّدَ بِهَا أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ مِنْ مُدَّعِي إِسْلَامِهِ، أَوْ كُفْرِهِ، عُمِلَ عَلَيْهَا. فَإِنْ شَهِدَتْ بِإِسْلَامِهِ، كَانَ مِيرَاثُهُ لِزَوْجَتِهِ، وَأَخِيهِ الْمُسْلِمَيْنِ، وَإِنْ شَهِدَتْ بِكُفْرِهِ كَانَ مِيرَاثُهُ لِابْنِهِ الْكَافِرِ، وَإِنْ تَعَارَضَتْ فِيهِ بَيِّنَتَانِ. شَهِدَتْ إِحْدَاهُمَا بِكُفْرِهِ، وَشَهِدَتِ الْأُخْرَى، بِإِسْلَامِهِ، كَانَ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنِ اعْتِبَارِ الشَّهَادَتَيْنِ، وَهِيَ تَنْقَسِمُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ تتقيد الشهادتان على مضادة تتكاذبان فِيهَا.
وَالثَّانِي: أَنْ تَتَقَيَّدَ عَلَى تَصَادُقٍ لَا تَكَاذُبَ فِيهِ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَا مُطْلَقَيْنِ.
فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: إِذَا كَانَتَا مُقَيَّدَتَيْنِ عَلَى مُضَادَّةٍ يَكُونَانِ فِيهَا مُتَكَاذِبَيْنِ، بِأَنْ تَشْهَدَ إِحْدَاهُمَا، أَنَّهُ مَاتَ عَلَى كَلِمَةِ الْإِسْلَامِ، وَتَشْهَدُ الْأُخْرَى أَنَّهُ مَاتَ عَلَى كَلِمَةِ الْكُفْرِ، فَهُوَ عَلَى قَوْلَيْنِ وثالث مختلف فيه:
أحدهما: إِسْقَاطُهُمَا وَيَكُونُ الْأَمْرُ مَوْقُوفًا عَلَى بَيَانٍ، أَوْ إِصْلَاحٍ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: الْإِقْرَاعُ بَيْنَهُمَا، وَالْحُكْمُ لِمَنْ قَرَعَ مِنْهُمَا.
وَالثَّالِثُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ: اسْتِعْمَالُهُمَا. فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ بَنَاهُ عَلَى الِاخْتِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ مِنَ الْوَجْهَيْنِ، وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَخْرِيجُ هَذَا الْقَوْلِ هَاهُنَا وَجْهًا وَاحِدًا، وَإِنْ جَازَ تَخْرِيجُهُ فِي الْوَجْهَيْنِ، لِأَنَّ الِابْنَيْنِ فِيمَا تَقَدَّمَ شَرِيكَانِ وَالْأَخُ وَالِابْنُ هَاهُنَا مُتَدَافِعَانِ، فِصْحَّ الِاشْتِرَاكُ هُنَاكَ وَبَطَلَ هَاهُنَا.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ تَتَقَيَّدَ الشَّهَادَتَانِ، بِغَيْرِ مُضَادَّةٍ يَتَكَاذَبَانِ فِيهَا فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَشْهَدَ إِحْدَاهُمَا، أَنَّهُ كَانَ كَافِرًا فِي رَجَبٍ، وَتَشْهَدُ الْأُخْرَى أَنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا فِي شَعْبَانَ، فَيُحْكَمُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى إِسْلَامِهِ لِحُدُوثِهِ بَعْدَ كُفْرِهِ وَيَكُونُ مِيرَاثُهُ لِزَوْجَتِهِ، وَأَخِيهِ الْمُسْلِمَيْنِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَشْهَدَ إِحْدَاهُمَا أَنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا فِي رَجَبٍ، وَتَشْهَدُ الْأُخْرَى أَنَّهُ كَانَ كَافِرًا فِي شَعْبَانَ، فَيُحْكَمُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى كُفْرِهِ بَعْدَ إِسْلَامِهِ، فَيَحْكُمُ بِرِدَّتِهِ، وَلَا يَرِثُهُ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ مِنْ وَرَثَتِهِ، وَيَكُونُ مِيرَاثُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَتَانِ مُطْلَقَتَيْنِ بِأَنْ تَشْهَدَ إِحْدَاهُمَا أَنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا وَتَشْهَدَ الْأُخْرَى أَنَّهُ كَانَ كَافِرًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ لِوَقْتِ إِسْلَامِهِ، وَوَقْتِ كُفْرِهِ، فقد