غَيْرُهُ، لِأَنَّه قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي الْبَاطِنِ وَلَدٌ، لَا يَعْلَمُونَ بِهِ فَلَمْ يَصِلُوا بِمَعْرُوفِ الظَّاهِرِ إِلَى مَعْرِفَةِ مَا قَدْ يَكُونُ فِي الْبَاطِنِ، فَلَمْ يُحْكَمْ بِهِ وَصَارَ كَمَنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً بِأَنْ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ.
وَإِذَا لَمْ يُقِمْهَا مُنِعَ مِنْ حَقِّهِ فِي الدَّارِ لِلْجَهْلِ بِمِقْدَارِهِ، وَلَزِمَ الْحَاكِمُ أَنْ يَسْتَكْشِفَ عَنْ حَالِ الْمَيِّتِ فِي الْبِلَادِ الَّتِي وَطِئَهَا، وَيُكَاتِبُ حُكَّامَهَا بِالْمَسْأَلَةِ عَنْ حَالِهِ، هَلْ خَلَّفَ فِيهَا وَلَدًا أَوْ وَارِثًا وَيُلْزَمُ به [فإنه] لَا يَخْفَى حَالُ وَارِثٍ لَهُ فِي مِثْلِهِ. فَإِنْ حَضَرَتْهُ بَيِّنَةٌ جَازَ أَنْ يَسْمَعَهَا الْحَاكِمُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى، وَعَلَى غَيْرِ خَصْمٍ، لِأَنَّها بَيِّنَةٌ عَلَى مَا قَدْ لَزِمَ مِنَ الْكَشْفِ فَكَانَتْ فِي حَقِّ نَفْسِهِ لِتَقْيِيدِ مَا قَدْ حَكَمَ بِهِ، وَالْبَيِّنَةُ تَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ الْبَاطِنَةِ بِهِ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ، لِأَنَّها بَيِّنَةٌ عَلَى نَفْيٍ فَحُمِلَتْ عَلَى الْعِلْمِ دُونَ الْقَطْعِ، فَإِنْ شَهِدُوا أَنْ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ قُبِلُوا وَكَانَتْ شَهَادَتُهُمْ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعِلْمِ، دُونَ الْقَطْعِ، وَدُفِعَ إِلَيْهِ الْمِيرَاثُ بَعْدَ تَمَامِ الشَّهَادَةِ، مِنْ غَيْرِ ضَمِينٍ.
وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لِلْحَاكِمِ بَيِّنَةٌ، وَبَلَغَ زَمَانَ الْإِيَاسِ مِنَ الظَّفَرِ بِهَا، وَأَنْ يَظْهَرَ مَا لَمْ يَظْهَرَ دَفَعَ إِلَيْهِ الْمَالَ، إِنْ لَمْ يُقِرَّ بِغَيْرِهِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِأَخٍ لَهُ غَائِبٍ أَعْطَاهُ نِصْفَ الدَّارِ وَالتَّرِكَةِ، وَكَانَ نِصْفُهَا مَوْقُوفًا عَلَى قُدُومِ الْغَائِبِ.
فَأَمَّا مُطَالَبَةُ الْحَاضِرِ بِإِقَامَةِ ضَمِينٍ فيها، ودفع إِلَيْهِ احْتِيَاطًا؛ لِظُهُورِ شَرِيكٍ قَدْ يَكُونُ لَهُ فِي الْمِيرَاثِ حَقٌّ، فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ مَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الضَّمِينِ وَقَالَ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ: مَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ، فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِيهِ عَلَى أَرْبَعَةِ مَذَاهِبَ:
أَحَدُهَا: أَنْ خَرَّجُوا اخْتِلَافَ نَصِّهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يَجِبُ لِيَكُونَ نُفُوذُ الْحُكْمِ عَلَى الْأَحْوَطِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يُسْتَحَبُّ فَلَا تَجِبُ لِأَنَّها وَثِيقَةٌ لِغَيْرِ مُطَالِبٍ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إِنْ كَانَ هَذَا الْوَارِثُ مِمَّنْ لَا يَسْقُطُ بِغَيْرِهِ كَالِابْنِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إِقَامَةُ ضَمِينٍ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُسْقَطُ بِغَيْرِهِ كَالْأَخِ، وَجَبَ عَلَيْهِ إِقَامَةُ ضَمِينٍ.
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: إِنْ كَانَ أَمِينًا لَمْ يُجِبْ عَلَيْهِ إِقَامَةُ ضَمِينٍ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ أَمِينٍ، وَجَبَ عَلَيْهِ.
فَإِنْ قِيلَ: لِمَ قُلْتُمْ تُقَسِّمُونَ مَالَ الْمُفْلِسِ بَيْنَ غُرَمَائِهِ بَعْدَ إِشَاعَةِ أَمْرِهِ مِنْ غَيْرِ ضَمِينٍ مَعَ جَوَازِ ظُهُورِ غَرِيمٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute