للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَرِيكُهُ أَنَّهُ مُقِرٌّ بِالْعِتْقِ لِنَصِيبِهِ، نَافِذٌ عَلَيْهِ، وَمُدَّعٍ لِثَمَنٍ لَا يَجِبُ لَهُ. وَهَذَا وَذَاكَ عِنْدِي فِي الْقِيَاسِ سَوَاءٌ، وَهَذَا قَضَاءٌ لِأَحَدِ قَوْلَيْهِ عَلَى الْآخَرِ) وَهَذَا قَالَهُ الْمُزَنِيُّ احْتِجَاجًا عَلَى وُقُوعِ الْعِتْقِ فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ بِاللَّفْظِ وَالسِّرَايَةِ بِأَنَّ الشَّرِيكَ لَوِ ادَّعَى عَلَى شَرِيكِهِ أَنَّهُ بَاعَهُ حِصَّتَهُ بِثَمَنٍ لَهُ فَقَبَضَهُ، وَأَنَّهُ سَلَّمَ الْحِصَّةَ إِلَيْهِ وَعَتَقَهَا، وَأَنْكَرَ الشَّرِيكُ التَّسْلِيمَ وَالْعِتْقَ فَحِصَّةُ الْمُدَّعِي قَدْ عَتَقَتْ عَلَيْهِ قَوْلًا وَاحِدًا عِنْدَ جَمِيعِ أَصْحَابِنَا إِذَا كَانَ بَعْدَ التَّسْلِيمِ.

وَلَوْ قَالَ عَتَقْتُهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ كَانَ فِي نُفُوذِ عِتْقِهِ عَلَيْهِ لِأَصْحَابِنَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ يُعْتَقُ لِأَنَّهُ قَدْ جَعَلَهُ مُعْتِقًا لِمِلْكٍ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ لَا يُعْتَقُ لِأَنَّهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فِي حُكْمِ الْحَجْرِ لِارْتِهَانِهِ عَلَى ثَمَنِهِ ثُمَّ إِذَا لَزِمَهُ الْعِتْقُ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى سِرَايَةِ الْعِتْقِ بِاللَّفْظِ دُونَ الْقِيمَةِ، لِوُقُوعِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ جَعَلَهُ مُعْتِقًا لِمِلْكٍ يُنَفَّذُ فِيهِ الْعِتْقُ، فَلِذَلِكَ عَتَقَ عليه بهذه الدعوة، وَفِي مَسْأَلَةِ السِّرَايَةِ جَعَلَهُ مُعْتِقًا لِغَيْرِ مِلْكِهِ فَجَازَ أَن لَا تَقَعَ فِيهِ السِّرَايَةُ حِينَ لَمْ يَقَعْ عِتْقُ الْمُبَاشَرَةِ، لِأَنَّ الْعِتْقَ بِالسِّرَايَةِ يَتَفَرَّعُ عَنْ عِتْقِ الْمُبَاشَرَةِ فَلَمْ يَثْبُتْ حُكْمُ الْفَرْعِ مَعَ عَدَمِ أَصْلِهِ.

وَالْفَصْلُ الرَّابِعُ: قَالَ الْمُزَنِيُّ: وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: (لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لصاحبه إذا أعتقته فهو حر فأعتقته كَانَ حُرًّا فِي مَالِ الْمُعْتِقِ) وَهَذَا قَالَهُ الْمُزَنِيُّ إِلْزَامًا لِنُفُوذِ الْعِتْقِ بِسِرَايَةِ اللَّفْظِ دُونَ دَفْعِ الْقِيمَةِ بِأَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ لَوْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: إِذَا أَعْتَقْتَ نَصِيبَكَ فَنَصِيبِي حُرٌّ، فَأَعْتَقَ الشَّرِيكُ نَصِيبَهُ، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَقَدْ عَتَقَهُ فِي حِصَّتِهِ، وَلَمْ يَسْرِ إِلَى حِصَّةِ شَرِيكِهِ، وَعَتَقَتْ حِصَّةُ الشَّرِيكِ عَلَيْهِ بِالصِّفَةِ الَّتِي عَلَّقَهَا بِعِتْقِ صَاحِبِهِ. وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا لَمْ يُعْتِقْ عَلَى الشَّرِيكِ حِصَّتَهُ بِالصِّفَةِ عَلَى الْأَقَاوِيلِ كُلِّهَا سَوَاءٌ قِيلَ إِنَّ الْعِتْقَ يَسْرِي بِاللَّفْظِ أَوْ يَقَعُ بِدَفْعِ الْقِيمَةِ أَوْ يَكُونُ مَوْقُوفًا.

وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ يُعْتَقُ بِالصِّفَةِ إِذَا قِيلَ إِنَّ عِتْقَهَا فِي حَقِّ الْمُعْتِقِ لَا يَقَعُ إِلَّا بِدَفْعِ الْقِيمَةِ، وَنَصُّ الشَّافِعِيِّ وَمَا عَلَيْهِ قَوْلُ سَائِرِ أَصْحَابِهِ إنَّهُ لَا يُعْتَقُ بِالصِّفَةِ عَلَى الْأَقَاوِيلِ كُلِّهَا، لِأَنَّهُ لَمَّا عَتَقَ عَلَى الْمُعْتِقِ بِالسِّرَايَةِ فَقَدْ تَقَدَّمَ عِتْقُهُ عَلَى عِتْقِ الصِّفَةِ، وَإِنْ قِيلَ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ إِلَّا بِدَفْعِ الْقِيمَةِ، فَقَدْ أَوْقَعَ عِتْقَهُ حَجْرًا فِي اسْتِحْقَاقِ الْوَلَاءِ عَلَى عِتْقِ بَاقِيهِ فَلَمْ يُنَفَّذْ عِتْقُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ عَقَدَ الشَّرِيكُ صِفَةَ عِتْقِهِ فِي حَالٍ هُوَ فِيهَا غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ.

قِيلَ: هُوَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالِ فَقَدْ عُلِّقَ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ يَصِيرُ فِيهَا مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي ثَانِي حَالٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>