للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَوْتَ فِي ذَلِكَ وَصِيَّةً بِالْمُعْتَقِ، ثُمَّ يَسْتَوِيَانِ فِي اعْتِبَارِهِمَا مِنَ الثُّلُثِ، فَإِذَا احْتَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ، وَلَا يَسْرِي الْعِتْقُ بَعْدَ الْمَوْتِ إِلَى حِصَّةِ شَرِيكِهِ، وَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ مُتَّسِعًا لِقِيمَتِهَا، لِأَنَّ مِلْكَهُ قَدْ زَالَ عَنْهُ بِالْمَوْتِ إِلَّا قَدْرَ مَا اسْتَثْنَاهُ فِي وَصِيَّتِهِ، فَلَوْ وَصَّى بِعِتْقِ نَصِيبِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَبِعِتْقِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ قَالَ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفِرَايِينِيُّ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ بِعِتْقِهَا إِذَا احْتَمَلَهَا الثُّلُثُ؛ لِأَنَّهُ بِالْوَصِيَّةِ مُسْتَثْنًى لَهُمَا مِنْ مَالِهِ، فَصَارَ مُوسِرًا بِهِمَا كَالْحُرِّ، فَصَارَ عِتْقُ نَصِيبِهِ مُبَاشَرَةً، وَعِتْقُ نَصِيبِ الشَّرِيكِ سِرَايَةً، وَهَذَا عِنْدِي لَيْسَ بِصَحِيحٍ، بَلْ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِعِتْقِ نَصِيبِهِ، وَلَا تَسْرِي إلى نصيب شريكيه لأمرين:

أحدهما: أنه موصي بِعِتْقِ مِلْكِ غَيْرِهِ، فَلَمْ يَلْزَمْ غَيْرَهُ.

وَالثَّانِي: أَنَّ عِتْقَ السِّرَايَةِ مَا سَرَى بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ وَلَا وَصِيَّةَ، وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي عِتْقِ الْحَيِّ، وَمَعْدُومٌ فِي عِتْقِ الْمَيِّتِ، وَلَكِنْ لَوْ كَانَ الْمُوصِي يَمْلِكُ جَمِيعَ الْعَبْدِ، فَوَصَّى بِعِتْقِ بَعْضِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَفِيهِ وَجْهَانِ مِنَ اخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا فِي الْحَيِّ إِذَا أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ، هَلْ يُنَفَّذُ الْعِتْقُ فِي جَمِيعِهِ مُبَاشَرَةً أَوْ سِرَايَةً؟

فأحد الوجهين: ان يُعْتَقُ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْعَبْدِ مُبَاشَرَةً، فَإِذَا أَوْصَى بِعِتْقِ بَعْضِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُعْتَقُ بَاقِيهِ عَلَى الْحَيِّ بِالسِّرَايَةِ، فَإِذَا أَوْصَى بِعِتْقِ بَعْضِهِ عَتَقَ ذَلِكَ الْبَعْضُ، وَلَمْ يَسْرِ إِلَى جَمِيعِهِ، وَإِذَا عَجَزَ الثُّلُثُ عَنْ عِتْقِ مَا أَوْصَى بِهِ رُدَّ الْعِتْقُ إِلَى مَا اتَّسَعَ لَهُ الثُّلُثُ إِلَّا أَنْ يُمْضِيَهُ الْوَرَثَةُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، فَيَمْضِي عِتْقُهُ وَبِاللَّهِ التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>