الْبِنْتَانِ أَبَاهُمَا عَتَقَ عَلَيْهِمَا، وَكَانَ وَلَاؤُهُ بَيْنَهُمَا، وَجَرَّتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا نِصْفَ وَلَاءِ أُخْتِهَا عن معتق أمها إليها، فصار لكل واحد مِنْهُمَا نِصْفُ وَلَاءِ الْأُخْرَى، لِأَنَّ لَهَا نِصْفَ وَلَاءِ الْأَبِ، وَفِي النِّصْفِ الْبَاقِي وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لِمُعْتِقِ الْأُمِّ إِذَا قِيلَ: إِنَّهَا لَا تَجُرُّ وَلَاءَ نَفْسِهَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: سَاقِطٌ عَنْهَا إِذَا قِيلَ إِنَّهَا قَدْ جَرَّتْ وَلَاءَ نَفْسِهَا، فَعَلَى هَذَا لَوْ مَاتَ الْأَبُ كَانَ مِيرَاثُهُ بَيْنَهُمَا، ثُلُثَاهُ بِالنَّسَبِ، وَثُلُثُهُ بِالْوَلَاءِ، وَلَوْ مَاتَتْ بَعْدَهُ إِحْدَى الْبِنْتَيْنِ كَانَ لِأُخْتِهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مِيرَاثِهَا، نِصْفُهُ بِالنَّسَبِ، وَرُبْعُهُ بِالْوَلَاءِ، لِأَنَّ لَهَا نِصْفَ وَلَائِهَا، وَفِي الرُّبْعِ الْبَاقِي وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لِمَوْلَى أُمِّهَا إِذَا قِيلَ: إِنَّهَا لَا تَجُرُّ وَلَاءَ نَفْسِهَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لِبَيْتِ الْمَالِ إِذَا قِيلَ إِنَّهَا قَدْ جَرَّتْ وَلَاءَ نَفْسِهَا.
وَحَكَى الرَّبِيعُ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَالْبُوَيْطِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ لِلْأُخْتِ الْبَاقِيَةِ سَبْعَةُ أَثْمَانِ مِيرَاثِ الْمَيِّتَةِ، وَثُمْنُهُ الْبَاقِي لِمُعْتِقِ الْأُمِّ، وَهُوَ خَطَأٌ مِنْهُمَا عَلَى الشَّافِعِيِّ، وَإِنَّمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ هَذَا الْجَوَابُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ أَنْ تَمُوتَ إِحْدَى الْبِنْتَيْنِ قَبْلَ الْأَبِ، فَيَرِثُهَا الْأَبُ، ثُمَّ يَمُوتُ الْأَبُ، فَيَكُونُ لِبِنْتِهِ الْبَاقِيَةِ نِصْفُ مِيرَاثِهِ بِالنَّسَبِ، وَنِصْفُهُ الْبَاقِي لِمَوَالِيهِ، وَهُمَا بِنْتَاهُ الْحَيَّةُ وَالْمَيِّتَةُ، فَتَأْخُذُ الْحَيَّةُ نِصْفَهُ، وَهُوَ الرُّبْعُ، لِأَنَّ لَهَا نِصْفَ وَلَائِهِ، وَنِصْفُهُ الْبَاقِي، وَهُوَ الرُّبْعُ لِمَوَالِي بِنْتِهِ الْمَيِّتَةِ، وَهُمْ أُخْتُهَا الْحَيَّةُ، وَمَوَالِي أُمِّهَا، لِأَنَّ الْحَيَّةَ قَدْ جَرَّتْ نِصْفَ وَلَاءِ الْمَيِّتَةِ، فَتَأْخُذُ بِهِ نِصْفَ هَذَا الرُّبْعِ، وَهُوَ الثُّمُنُ، فَيَصِيرُ لَهَا مِنْ مَالِ أَبِيهَا سَبْعَةُ أَثْمَانِ نِصْفُهُ بِالنَّسَبِ، وَرُبْعُهُ بِالْوَلَاءِ عَلَى الْأَبِ، وَثُمْنُهُ بِجَرِّ الْوَلَاءِ مِنَ الْأَبِ، وَيَكُونُ ثُمْنُهُ الْبَاقِي لِمَوْلَى الأم في أحد الوجهين والبيت الْمَالِ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي، فَغَلِطَ الرَّبِيعُ وَالْبُوَيْطِيُّ، فَنَقَلَا هَذَا الْجَوَابَ إِلَى الَّتِي تَقَدَّمَهَا. وَاللَّهُ أعلم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute