مِنْ جِنْسَيْنِ. فَهَلَّا جَعَلْتُمُ اخْتِلَافَ النَّجْمَيْنِ فِي الْقَدْرِ وَالتَّجَانُسِ شَرْطًا اعْتِبَارًا بِتَقْيِيدِ الْخَطِّ، كَمَا جَعَلْتُمْ أَقَلَّ الْكِتَابَةِ نَجْمَيْنِ اعْتِبَارًا بِتَقْيِيدِ الْخَطِّ.
قِيلَ: عَنْ هَذَا جَوَابَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَيْسَ يَلْزَمُ تَغَايُرُ أَجْنَاسِ الْحَرْفَيْنِ فِي الْخَطِّ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَسْتُ مِنْ دَدٍ وَلَا دَدٌ مِنِّي " أَيْ لَسْتُ مِنَ اللَّعِبِ وَلَا اللَّعِبُ مِنِّي، وَهُمَا حَرْفَانِ مُتجَانِسَانِ يَتَقَيَّدُ بِهِمَا الْخَطُّ كَذَلِكَ نَجْمَا الْكِتَابَةِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ لَزِمَ هَذَا فِي أَقَلِّ مَا يَتَقَيَّدُ بِهِ الْخَطُّ أَنْ يَكُونَ مُتَغَايِرَ الْأَجْنَاسِ فَنَجْمَا الْكِتَابَةِ بِمَثَابَتِهِ، لِأَنَّهُ لَا يتصور النَّجْمَانِ إِلَّا مُتَغَايِرَيْنِ وَإِنْ تَسَاوَى زَمَانُهُمَا، لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ كُلٌّ وَاحِدٍ مِنَ النَّجْمَيْنِ شَهْرًا فَقَدِ اخْتَلَفَا مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْأَجَلَ مستحق من وقت العقد فيكون أو النجمين منهما بَعْدَ شَهْرٍ وَالْآخَرُ بَعْدَ شَهْرَيْنِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ محلها مختلف، لأن حلول أحدهما شَهْرٍ وَحُلُولَ الْآخَرِ فِي غَيْرِهِ، فَاخْتَلَفَا مَعَ تَسَاوِيهِمَا مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ فَثَبَتَ مَا قُلْنَا من اعتبار النجمين، وأن لا فَرْقَ بَيْنَ تَسَاوِيهِمَا وَاخْتِلَافِهِمَا وَبَيْنَ طُولِهِمَا وَقِصَرِهِمَا.
أَمَّا أَكْثَرُ نُجُومِ الْكِتَابَةِ فَلَا يَنْحَصِرُ بِعَدَدٍ وَيَجُوزُ أَنْ يُكَاتِبَهُ إِلَى مِائَةِ نَجْمٍ، وَأَكْثَرَ.
فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا كَانَ مَا لَمْ يَتَجَاوَزْهُ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنْ أَقَلِّ النُّجُومِ شَرْطًا فِي تَقْيِيدِ الْأَقَلِّ، فَهَلَّا جَعَلْتُمْ مَا لَمْ يَتَجَاوَزْهُ الصَّحَابَةُ مِنْ أَقَلِّ النَّجْمِ فِي تَقْيِيدِ الْأَكْثَرِ شَرْطًا فِي تَقْيِيدِ الْأَكْثَرِ، وَأَكْثَرُ ما كاتبت الصحابة عليه تسعة أنجم يفي بَرِيرَةَ، كَمَا أَنَّ أَقَلَّ مَا كَاتَبُوا عَلَيْهِ نَجْمَانِ فِي نَبْهَانَ، فَلَزِمَكُمْ أَنْ تُقَدِّرُوا أَكْثَرَهُ بِتِسْعَةِ أَنْجُمٍ، كَمَا قَدَّرْتُمْ أَقَلَّهُ بِنَجْمَيْنِ أَوْ تُسْقِطُوا تَقْدِيرَ أَقَلِّهِ بِنَجْمَيْنِ، كَمَا أَسْقَطْتُمْ تَقْدِيرَ أَكْثَرِهِ بِتِسْعَةِ أَنْجُمٍ.
قِيلَ: لَا يَلْزَمُ اعْتِبَارُ الْأَقَلِّ بِالْأَكْثَرِ لِوُقُوعِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ النُّجُومَ زَمَانٌ فَتُقَدَّرُ أَقَلُّ النُّجُومِ، لِأَنَّ أَقَلَّ الزَّمَانِ مَحْدُودٌ وَلَمْ يَتَقَدَّرْ أَكْثَرُ النُّجُومِ، لِأَنَّ أَكْثَرَ الزَّمَانِ غَيْرُ مَحْدُودٍ.
وَالثَّانِي: أَنَّ قِلَّةَ النُّجُومِ مَفْقُودٌ مِنْ جِهَةِ السَّادَةِ فَجَازَ أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهِ فِعْلُ السَّادَةِ مِنْ