أحدهما: أَنَّهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ [مَا لَمْ يَلْزَمْ مِنَ الْعُقُودِ بِالْمَوْتِ، كَمَا تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ بِمَوْتِ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ] مِنْ جِهَتِهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ فَسَادَ الْعِوَضِ يُوجِبُ تَغْلِيبَ حُكْمِ الصِّفَةِ.
وَالسَّيِّدُ إِذَا عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِصِفَةٍ بَطَلَ حُكْمُهَا بِمَوْتِهِ، كَذَلِكَ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ.
وَالرَّابِعُ: أَنَّ الْمُكَاتَبَ يَمْلِكُ بِهَا كَسْبَ نَفْسِهِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَلْزَمُ فِيهَا الْعِوَضُ بِوُقُوعِ الْعِتْقِ، فَمَلَكَ بِهَا الْكَسْبَ كَالْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: أَفَلَيْسَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لَا يَمْلِكُ النَّمَاءَ وَإِنْ مَلَكَهُ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ، فَهَلَّا كَانَ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ كَذَلِكَ؟ قِيلَ: الْفَرْقُ الْفَاصِلُ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ أَنَّ الْمُشْتَرِي لَا يَمْلِكُ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ مَا كَانَ يَمْلِكُهُ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ، فَلِذَلِكَ لَمْ يَمْلِكِ النَّمَاءَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَمَلَكَهُ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْكِتَابَةُ، لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ يَمْلِكُ بِهَا فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ مِنْ عِتْقِ نَفْسِهِ بِالْأَدَاءِ، مِثْلَ مَا كَانَ يَمْلِكُهُ فِي الكتابة الصحيحة، فذلك مَلَكَ كَسْبَ نَفْسِهِ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ كَمَا يَمْلِكُهُ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ.
وَالْخَامِسُ: أَنَّ مَا فَضَلَ فِي يَدِ الْمُكَاتَبِ بَعْدَ عِتْقِهِ مِلْكٌ لَهُ دُونَ سَيِّدِهِ، لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ عَلَى مِلْكِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ.
وَالسَّادِسُ: أَنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَعْدَ الْعِتْقِ فَيَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَى مُكَاتَبِهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ عَتَقَ، وَيَرْجِعُ الْمُكَاتَبُ عَلَى سَيِّدِهِ بِمَا أَدَّاهُ، إِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدِ اسْتَهْلَكَ عِتْقَ نَفْسِهِ عَلَى بَدَلٍ فَاسِدٍ فَصَارَ كَاسْتِهْلَاكِ الْمُشْتَرِي مَا ابْتَاعَهُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ يَلْزَمُهُ قِيمَةُ مَا اسْتَهْلَكَهُ كَذَلِكَ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ نُظِرَ فِي الْقِيمَةِ، وَمَالِ الْأَدَاءِ، فَإِنْ كَانَا مِنْ جِنْسَيْنِ لَمْ يَقَعَا قِصَاصًا وَإِنْ جَازَ أَنْ يَتَنَاوَبَا.
وَإِنْ كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَفِي وُقُوعِ الْقِصَاصِ بَيْنَهُمَا أَرْبَعَةُ أَقَاوِيلَ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى جَمِيعِهَا فِي هَذَا الْكِتَابِ.
أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَقَعُ الْقِصَاصُ بَيْنَهُمَا فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَرَاضَيَا بِهِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي تَقَابُضِهِ فَصَارَ كَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِوَارِثِهِ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ الْمَيِّتِ بِانْتِقَالِ التَّرِكَةِ إِلَى الْوَارِثِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَيْعُهَا فِي دَيْنِهِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِيهِ، لِانْتِقَالِ الْعَيْنِ إِلَيْهِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَصِيرُ قِصَاصًا بِرِضَى أَحَدِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْآخَرُ، لِأَنَّ مَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute