يُخَلِّفْ وَفَاءً مَاتَ عَبْدًا، وَإِنْ خَلَّفَ وَفَاءً عَتَقَ بِآخِرِ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ، وَمَاتَ حُرًّا وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ لَمْ يُخَلِّفْ وَلَدًا مَاتَ عَبْدًا] .
وَإِنَّ خَلَّفَ وَلَدًا مَمْلُوكًا وُلِدَ فِي كِتَابَتِهِ مِنْ أَمَتِهِ أُجْبِرَ عَلَى الْأَدَاءِ إِنْ خَلَّفَ وَفَاءً، لِيَعْتِقَ بِأَدَائِهِ فَيَتْبَعَهُ فِي عِتْقِهِ، وَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ وَفَاءً أُجْبِرَ عَلَى الْكَسْبِ، لِيُؤَدِّيَهُ فَيَعْتِقَ بِهِ تَبَعًا لِأَبِيهِ.
وَلَوْ تَرَكَ الْمُكَاتَبُ، وَلَدَيْنِ أَحَدُهُمَا حُرٌّ وَالْآخَرُ مَمْلُوكٌ كَانَ مِيرَاثُهُ لِوَلَدِهِ الْمَمْلُوكِ دُونَ الْحَرِّ لِيُؤَدِّيَهُ فِي كِتَابَةِ أَبِيهِ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ مَا لَمْ يَنْفَسِخْ مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنَ، لَمْ يَنْفَسِخْ بِمَوْتِ الْآخَرِ كَالْبَيْعِ، لِأَنَّ مَنْ تَمَّتْ بِهِ الْكِتَابَةُ لَمْ يَنْفَسِخْ بِمَوْتِهِ كَالسَّيِّدِ.
وَلِأَنَّ مَالَ الْكِتَابَةِ مُتَعَلِّقٌ بِذِمَّتِهِ فِي حَيَاتِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِتَرِكَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ كَالدَّيْنِ.
وَدَلِيلُنَا: هُوَ أَنَّ الْعِتْقَ وَالْإِبْرَاءَ يَقُومَانِ فِي عِتْقِ الْمُكَاتَبِ مَقَامَ الْأَدَاءِ، فَإِذَا لَمْ يُعْتَقْ بِإِبْرَائِهِ وَعِتْقِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَأَوْلَى أَنْ لَا يَعْتِقَ بِالْأَدَاءِ بَعْدَ الْمَوْتِ.
وَتَحْرِيرُهُ قِيَاسًا أَنَّ مَا عَتَقَ بِهِ الْمُكَاتَبُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ لَمْ يَعْتِقْ بِهِ بَعْدَ الْوَفَاةِ كَالْإِبْرَاءِ وَالْعِتْقِ.
وَلِأَنَّ مَوْتَ الْمُكَاتَبِ قَبْلَ الْأَدَاءِ يَقْتَضِي أَنْ يَمُوتَ عَبْدًا كَالَّذِي لَمْ يُخَلِّفْ وَفَاءً، وَلَا وَلَدًا، وَلِأَنَّ عِتْقَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِآخِرِ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ، أَوْ يَتَعَلَّقَ بِالْأَدَاءِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَإِنْ تَعَلَّقَ بِآخِرِ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّهُ تَحْرِيرُ عِتْقٍ قَبْلَ وُجُودِ الْأَدَاءِ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ فَكَانَ أَوْلَى أَنْ لَا يَجُوزَ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَإِنْ عَتَقَ بِالْأَدَاءِ بَعْدَ الْمَوْتِ لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّ مَنْ مَاتَ عَبْدًا لَمْ يُعْتَقْ بَعْدَ مَوْتِهِ كَالْعَبْدِ الْقِنِّ، وَكَمَا لَوْ لَمْ يَلْفِظْ سَيِّدُهُ بِالْعِتْقِ.
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى الْبَيْعِ: فَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَنْفَسِخْ بَعْدَ الْمَوْتِ بِالْإِعْسَارِ لَمْ يَنْفَسِخْ بِالْيَسَارِ. وَلَمَّا انْفَسَخَتِ الْكِتَابَةُ بِمَوْتِ الْمُعْسِرِ انْفَسَخَتْ بِمَوْتِ الْمُوسِرِ.
وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى مَوْتِ السَّيِّدِ مَعَ افْتِرَاقِهِمَا بِمَا ذَكَرْنَا فِي اللُّزُومِ فَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ السَّيِّدَ مَوْرُوثٌ فَجَازَ أَنْ يَقُومَ وَارْثُهُ مَقَامَهُ فِي بَقَاءِ الْعَقْدِ فِي حَقِّهِ وَالْمُكَاتَبَ غَيْرُ مَوْرُوثٍ فَانْقَطَعَ بِمَوْتِهِ حُكْمُ مَا لَمْ يُبْرِمْ مِنْ عُقُودِهِ.
وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِتَعَلُّقِهِ فِي ذِمَّتِهِ كَالدَّيْنِ فَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَمَّا لَمْ يَتَعَلَّقْ