للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المزني) الأول بقوله أولى لأنه زعم لو كانت كتابتهما فيه سواء فعجزه أحدهما فأنظره الآخر فسخت الكتابة بعد ثبوتها حتى يجتمعا على الإقامة عليها فالابتداء بذلك أولى (قال المزني) ولا يخلو من أن تكون كتابة نصيبه جائزة كبيعه إياه فلا معنى لإذن شريكه أو لا تجوز فلم جوزه بإذن من لا يملكه) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ جَازَ أَنْ يَجْتَمِعَا عَلَى كِتَابَتِهِ، فَتَصِحُّ قَوْلًا وَاحِدًا.

فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا كَانَتْ عَلَى قَوْلَيْنِ، كَمَا لَوْ كَاتَبَهُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ؟

قِيلَ: قَدْ كَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَذْهَبُ إِلَى هَذَا، وَيُخَرِّجُ كِتَابَتَهُمَا عَلَى قَوْلَيْنِ، لِأَنَّ الْعَقْدَ إِذَا اجْتَمَعَ فِي أَحَدِ طَرَفَيْهِ عَاقِدَانِ جَرَى عَلَيْهِ حُكْمُ الْعَقْدَيْنِ، فَصَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَالْمُنْفَرِدِ بِكِتَابَتِهِ، فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَذَهَبَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا إِلَى فَسَادِ هَذَا التَّخْرِيجِ، وَأَنَّ الْكِتَابَةَ بِاجْتِمَاعِهِمَا عَلَيْهَا جَائِزَةٌ قَوْلًا وَاحِدًا، لِكَمَالِ تَصَرُّفِهِ وَهُوَ فِي كِتَابَتِهِمَا كَامِلُ التَّصَرُّفِ، وَيَجُوزُ أَخْذُهُ مِنَ الصَّدَقَاتِ وَهُوَ مِنْ كِتَابَةِ أَحَدِهِمَا مَمْنُوعٌ مِنْهَا، فَافْتَرَقَا.

فَإِذَا صَحَّ جَوَازُ اجْتِمَاعِهِمَا عَلَى كِتَابَتِهِ، فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُكَاتِبَاهُ حَتَّى يَكُونَا فِيهِ سَوَاءً، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْكَلَامِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ أَرَادَ تَسَاوِيَهُمَا فِي مِلْكِهِ، فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، فَتَصِحُّ حِينَئِذٍ مِنْهُمَا مُكَاتَبَتُهُ عَلَى مَالٍ يَتَسَاوَيَانِ فِيهِ، أَوْ يَتَفَاضَلَانِ لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ: حَتَّى يَكُونَا فِيهِ سَوَاءً يَعْنِي فِي الْعَبْدِ وَلَوْ أَرَادَ الْكِتَابَةَ لَقَالَ: حَتَّى يَكُونَا فِيهَا سَوَاءً وَإِنْ تَفَاضَلَا فِي الْمِلْكِ فَكَانَ لِأَحَدِهِمَا ثلثه، وللآخر ثُلُثَاهُ لَمْ تَصِحَّ كِتَابَتُهُمَا لِتَفَاضُلِهِمَا وَقُوَّةِ أَحَدِهِمَا، فَصَارَ التَّسَاوِي بَيْنَهُمَا مَعْدُومًا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَيْهِ فِي مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِ الْأُمِّ، أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي مَالِ الْكِتَابَةِ بِحَسْبِ الْمِلْكِ، فَإِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، فَكَاتَبَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى أَلْفٍ جَازَ، وَلَوْ كَاتَبَهُ أَحَدُهُمَا عَلَى أَلْفٍ، وَالْآخَرُ عَلَى أَلْفَيْنِ لَمْ يَجُزْ، لِتَفَاضُلِهِمَا فِي الْمَالِ مَعَ تَسَاوِيهِمَا فِي الْمِلْكِ، وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا فَكَاتَبَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى أَلْفٍ لَمْ يَجُزْ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْمَالِ مَعَ تَفَاضُلِهِمَا فِي الْمِلْكِ، وَلَوْ كَاتَبَهُ صَاحِبُ الثُّلُثِ عَلَى أَلْفٍ وَصَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ عَلَى أَلْفَيْنِ جَازَ، لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْمَالِ وَإِنْ تَفَاضَلَا فِي الْمِلْكِ، لِيَكُونَ الْكَسْبُ الْمُؤَدَّى بَعْدَ الْكِتَابَةِ مُعْتَبَرًا بِاسْتِحْقَاقِهِمَا لَهُ بِالْمِلْكِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>