للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ: فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ مَعَ الْإِمَامِ بِصَلَاةٍ الْجُمْعَةِ، وَرَكَعَ بِرُكُوعِهِ، ثُمَّ زُحِمَ عَنِ السُّجُودِ مَعَهُ، فَلَهُ حَالَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُمْكِنَهُ السُّجُودُ عَلَى ظَهْرِ إِنْسَانٍ، فَيَلْزَمُهُ السجود عيه، نَصَّ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَيْهِ فِي الْقَدِيمِ. لِمَا وَرَدَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِذَا زُحِمَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَسْجُدْ عَلَى ظَهْرِ آخَرَ وَلَيْسَ لَهُ فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ، وَلِأَنَّ صِفَةَ السُّجُودِ فِي الْأَدَاءِ مُعْتَبَرَةٌ بِالْإِمْكَانِ كَالْمَرِيضِ.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ لَا يُمْكِنَهُ السُّجُودُ عَلَى ظَهْرِ إِنْسَانٍ حَتَّى يَرْفَعَ الْإِمَامُ مِنْ سُجُودِهِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مَتَى سَجَدَ أَدْرَكَ رُكُوعَ الثَّانِيَةِ مِعِ الْإِمَامِ، فَهَذَا عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ أَوَّلًا، ثُمَّ يَرْكَعَ مَعَ الْإِمَامِ، سَوَاءٌ أَدْرَكَهُ قَائِمًا فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ رَاكِعًا فِيهَا، لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِ مُفَارَقَةُ الْإِمَامِ فِي أَفْعَالِهِ، وَإِنَّمَا أُخِذَ عَلَيْهِ اتِّبَاعُهُ فِيهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ الَّذِينَ حَرَسُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي صَلَاتِهِ بِعُسْفَانَ سَجَدُوا بَعْدَ قِيَامِهِ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - انه قال: " مهما أسبقتكم به إذا ركعت تدركوني إِذَا رَفَعْتُ لِأَنَّنِي بَدَّنْتُ " أَيْ كَبِرْتُ.

فَإِذَا سَجَدَ نُظِرَ فِي حَالِهِ: فَإِنْ أَدْرَكَ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ فِي الثَّانِيَةِ، وَالرُّكُوعَ مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ رَفْعِهِ مِنْهُ، صَحَّتْ صَلَاتُهُ. وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ:

فَإِنْ قِيلَ لَيْسَ عَلَى الْمَأْمُومِ أَنْ يَقْرَأَ خَلْفَ إِمَامِهِ فَقَدْ صَحَّتْ صَلَاتُهُ أَيْضًا، وَإِنْ قِيلَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ خَلْفَ إِمَامِهِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ: أَصَحُّهُمَا يُجْزِئُهُ، وَيَصِيرُ بِمَثَابَةِ مَنْ أَدْرَكَ إِمَامَهُ رَاكِعًا فَيَحْتَمِلُ عَنْهُ الْقِرَاءَةَ فِيهَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُجْزِئُهُ، لِأَنَّهُ قَدْ أَدْرَكَ مَحَلَّ الْقِرَاءَةِ، فَصَارَ كَالنَّاسِي.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَتَى سَجَدَ فَاتَهُ رُكُوعُ الثَّانِيَةِ مَعَ الْإِمَامِ، فَهَلْ يَأْتِي بِالسُّجُودِ أَوْ يَتْبَعُ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْهِ فِي (الْإِمْلَاءِ) وَبِهِ قَالَ أبو حنيفة: يَأْتِي بِالسُّجُودِ الَّذِي عَلَيْهِ مِنَ الْأُولَى، وَلَا يَتْبَعُ الْإِمَامَ في ركوع الثانية ووجد هَذَا: قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا صَلَاةَ لِمَنْ عَلَيْهِ صَلَاةٌ " وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا سَجَدَ فاسجدوا "

<<  <  ج: ص:  >  >>