وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه قال: " ما عَادَ مَرِيضًا شَيَّعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ ملكٍ إِلَى أَنْ يَعُودَ ".
وَقَدْ عَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَعْدًا وَجَابِرًا وَعَادَ غُلَامًا يَهُودِيًّا.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَعُودَ لِعِيَادَتِهِ جَمِيعَ الْمَرْضَى وَلَا يَخُصَّ بِهَا قَرِيبًا مِنْ بَعِيدٍ وَلَا صَدِيقًا مِنْ عَدُوٍّ، ليحرز بِهَا ثَوَابَ جَمِيعِهِمْ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْعِيَادَةُ غِبًّا، وَلَا يُوَاصِلُهَا فِي جَمِيعِ الْأَيَّامِ لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " أَغِبُّوا عِيَادَةَ الْمَرِيضِ أَوْ أَرْبِعُوا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَغْلُوبًا " وَيُكْرَهُ إِطَالَةُ الْعِيَادَةِ، لِمَا فِيهَا مِنْ إِضْجَارِ الْمَرِيضِ، فَإِنْ رَأَى في المريض إمارات الصحة وعلامات البرء دعاء لَهُ بِتَعْجِيلِ الْعَافِيَةِ، لِتَقْوَى بِذَلِكَ نَفْسُهُ، فَقَدْ عَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَعْدًا وَوَعَدَهُ بِالْعَافِيَةِ وَالْعُمْرِ وَإِنَّ اللَّهَ سَيَفْتَحُ عَلَى يَدَيْهِ، وَإِنْ رَأَى فِيهِ عَلَامَاتِ الْمَوْتِ ذَكَّرَهُ الْوَصِيَّةَ، وَأَمَرَهُ بِالتَّوْبَةِ، وَحَثَّهُ عَلَى الْخُرُوجِ مِنَ الْمَظَالِمِ بِالرِّفْقِ وَالْكَلَامِ اللَّطِيفِ ثُمَّ يُعَجِّلُ الِانْصِرَافَ فَإِذَا قَارَبَ أَنْ يَقْضِيَ حَضَرَهُ أَقْوَى أَهْلِهِ نَفْسًا، وَأَثْبَتُهُمْ عَقْلًا، وَلَقَّنَهُ الشَّهَادَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ وَلَا إِضْجَارٍ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ".
وَرَوَى مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ كَانَ آخِرَ كَلَامِهِ قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ " ثُمَّ يُوَجِّهُهُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ وَفِي كَيْفِيَّةِ تَوَجُّهِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُلْقَى عَلَى ظَهْرِهِ وَتَكُونُ رِجْلَاهُ فِي الْقِبْلَةِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يُضْجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ مُسْتَقْبِلًا بِوَجْهِهِ الْقِبْلَةَ، فَإِذَا مَاتَ تَوَلَّى مِنْهُ سَبْعَ خِصَالٍ:
أَوَّلُهَا: إِغْمَاضُ عَيْنَيْهِ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَغْمَضَ عَيْنَ ابْنِ سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ وَقَالَ إِنَّ الْبَصَرَ يَتْبَعُ الرُّوحَ " وَلِأَنَّ ذَلِكَ أَحْسَنُ فِي كَرَامَتِهِ وَأَبْلَغُ فِي جَمَالِ عِشْرَتِهِ، ولأن لا يُسْرِعَ إِلَيْهَا الْفَسَادُ، فَقَدْ قِيلَ إِنَّهَا آخِرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ الرُّوحُ وَأَوَّلُ مَا يُسْرِعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ.
وَالثَّانِي: أَنْ يُطَبِّقَ فَاهُ وَيَشُدَّ لَحْيَهُ الْأَسْفَلَ بِعِصَابَةٍ عَرِيضَةٍ وَيَرْبُطَهَا مِنْ فَوْقِ رأسه، لأن لا يَفْتَحَ فَاهُ فَيَقْبُحَ فِي عَيْنِ النَّاظِرِ إِلَيْهِ، ولأن لا يَلِجَ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْهَوَامِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute