بِكْرٍ، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَغَسَّلَتْهُ وَهِيَ صَائِمَةٌ ثُمَّ ذَكَرَتْ عَزْمَةَ أَبِي بَكْرٍ فَدَعَتْ بِمَاءٍ فَشَرِبَتْهُ وَقَالَتْ: كِدْتُ أُتْبِعُهُ مَعْصِيَةً.
وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: " لَوِ اسْتَقْبَلْنَا مِنْ أَمْرِنَا مَا اسْتَدْبَرْنَا مَا غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا نِسَاؤُهُ " فَأَمَّا إِذَا مَاتَتِ الزَّوْجَةُ فَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ هَلْ لِزَوْجِهَا أَنْ يُغَسِّلَهَا أَمْ لَا؟
فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ إِلَى جَوَازِ ذَلِكَ.
وَقَالَ أبو حنيفة، وَالثَّوْرِيُّ: لَا يَجُوزُ لَهُ غُسْلُهَا اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى امرئٍ يَنْظُرُ إِلَى فَرْجِ امرأةٍ وَبِنْتِهَا " قَالُوا فَلَمَّا جَازَ لَهُ الْعَقْدُ عَلَى بِنْتِ امْرَأَتِهِ إِذَا مَاتَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَاسْتَبَاحَ بِالْعَقْدِ النَّظَرَ إِلَى فَرْجِهَا دَلَّ على أن الأمر قد حرم عليه النظر إليها؛ لأن لا يَكُونَ نَاظِرًا إِلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ وَبِنْتِهَا، قَالُوا وَلِأَنَّ كُلَّ مَنْ جَازَ لَهُ الْعَقْدُ عَلَى أُخْتِ زَوْجَتِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ النَّظَرُ إِلَى زَوْجَتِهِ، كَالْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ، قَالُوا: وَلِأَنَّهُ لَمَّا حَلَّ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ غَيْرَهَا لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يُغَسِّلَهَا، وَلَمَّا لَمْ يَحِلَّ لَهَا أَنْ تَنْكِحَ غَيْرَهُ حَلَّ لَهَا أَنْ تُغَسِّلَهُ لِارْتِفَاعِ الْعِصْمَةِ بِمَوْتِهَا وَبَقَاءِ الْعِصْمَةِ بِمَوْتِهِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ: مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: " دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: وَارَأْسَاهُ فَقُلْتُ لَا بَلْ وَارَأْسَاهُ فَقَالَ مَا عَلَيْكِ لَوْ مِتِّ قَبْلِي لَغَسَّلْتُكِ وَكَفَّنْتُكِ " فَلَمَّا أَخْبَرَهَا أَنَّهَا لَوْ مَاتَتْ قَبْلَهُ لَغَسَّلَهَا، وَقَدْ أَخْبَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ سَيَمُوتُ: دَلَّ على أنه قصد بذلك بيان حكم غيرها مِنَ الْأَزْوَاجِ مَعَ غَيْرِهَا مِنَ الزَّوْجَاتِ، وَرَوَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ أَوْصَتْ أَنْ يُغَسِّلَهَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَتْ أَسْمَاءُ فَغَسَّلَهَا عَلِيٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَنَا مَعَهُ ثُمَّ لَمْ يَكُنْ مِنَ الصَّحَابَةِ مُنْكِرًا فِعْلَهُ فَدَلَّ أَنَّهُ إِجْمَاعٌ.
فَإِنْ قِيلَ: إِنَّمَا جَازَ لَهُ أَنْ يُغَسِّلَهَا لِبَقَاءِ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ يَنْقَطِعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا سببي ونسبي " قلنا قد بين مَعْنَى ذَلِكَ، وَأَنَّهُ فِي الْآخِرَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute