للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهَا: جَوَازُ تَعْجِيلِ الصَّدَقَةِ.

وَالثَّانِي: جَوَازُ قَرْضِ الْحَيَوَانِ.

وَالثَّالِثَ: جَوَازُ السَّلَمِ فِيهِ.

وَالرَّابِعُ: أَنَّ مَنِ اقْتَرَضَ حَيَوَانًا فَعَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِهِ، لِأَنَّ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: عَلَيْهِ رَدُّ قِيمَتِهِ كَالْغَصْبِ، فَإِنْ قِيلَ فَفِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ اقْتَرَضَ بَكَرًا فَرَدَّ رَبَاعِيًا وَذَلِكَ أَزْيَدُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَصْرِفَ مَالَ الصَّدَقَةِ فِي غَيْرِ حَقِّهِ، قِيلَ إِنْ كَانَ ذَلِكَ أَزْيَدَ فِي السِّنِّ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَنْقَصَ فِي الْجَوْدَةِ فَتَكُونَ زِيَادَةُ السِّنِّ مُقَابِلَةً لِنُقْصَانِ الْجَوْدَةِ، فَهَذَا جَوَابٌ، أَوْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ مِمَّنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ، فَكَانَ مَا قَابَلَ دَيْنَهُ قَضَاءً وَمَا زَادَ عَلَيْهِ صَدَقَةً، وَهَذَا جَوَابٌ ثَانٍ، أو كان فَعَلَ ذَلِكَ لِيُرَغِّبَ النَّاسَ فِي قَرْضِ الْفُقَرَاءِ أو يجوز لِلْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَ مِثْلَ هَذَا لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ، وَهَذَا جَوَابٌ ثَالِثٌ، ثُمَّ مِنَ الدَّلِيلِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ طَرِيقِ المعنى: أنه حق في مال يجب لسببين يختصان به جاز تَقْدِيمُهُ عَلَى أَحَدِ سَبَبَيْهِ كَالْكَفَّارَةِ الَّتِي يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا بَعْدَ الْيَمِينِ وَقَبْلَ الْحِنْثِ.

وَقَوْلُنَا: حَقٌّ فِي مَالٍ احْتِرَازًا مِنْ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ.

وَقَوْلُنَا يَجِبُ بِسَبَبَيْنِ احْتِرَازًا مِنَ الْأُضْحِيَةِ، وَقَوْلُنَا يَخْتَصَّانِ بِهِ احْتِرَازًا مِنَ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ، لِأَنَّهُمَا لَا يَخْتَصَّانِ بِالزَّكَاةِ، وَالْحَوْلُ، وَالنِّصَابُ يَخْتَصَّانِ بِالزَّكَاةِ، وَلِأَنَّهُ حَقٌّ يَتَنَوَّعُ نَوْعَيْنِ، يَجِبُ بِالْحَوْلِ وَيَجِبُ بِغَيْرِ حَوْلٍ، فَوَجَبَ أَنْ يَجُوزَ تَقْدِيمُ مَا يَجِبُ الحول قَبْلَ حَوْلِهِ كَالدِّيَةِ الَّتِي يَكُونُ عَمْدُهَا حَالًا وعطاها مُؤَجَّلًا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ قَبْلَ أَجَلِهِ، وَلِأَنَّ الْحُقُوقَ ضَرْبَانِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَحَقٌّ لِآدَمِيٍّ، وَحَقُّ الْآدَمِيِّ ضَرْبَانِ: حَقٌّ عَلَى بَدَنٍ، وَحَقٌّ فِي مَالٍ، فَمَا كَانَ عَلَى الْبَدَنِ كَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ قَبْلَ وُجُوبِهِ، وَمَا كان في مال كَالدُّيُونِ يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ قَبْلَ وُجُوبِهِ، كَذَلِكَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى ضَرْبَانِ، حَقٌّ عَلَى بَدَنٍ كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ قَبْلَ وُجُوبِهِ، وَحَقٌّ في مال كالزكاة وَالْكَفَّارَةِ يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ قَبْلَ وُجُوبِهِ، وَتَحْرِيرُ ذَلِكَ قِيَاسًا: أَنَّ كُلَّ مَالٍ يَحُلُّ بِانْقِضَاءِ مُدَّةٍ يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ تِلْكَ الْمُدَّةِ كَالدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ، وَلِأَنَّ الْآجَالَ إِنَّمَا تَثْبُتُ رِفْقًا بِمَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ لَا يَرْتَفِقَ بِهِ وَيُؤَدِّيَ الْحَقَّ قَبْلَ أَجَلِهِ، فَقَدْ أَسْقَطَ حَقَّ نَفْسِهِ، وَأَرْفَقَ صَاحِبَ الْحَقِّ بِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَقَعَ الْإِجْزَاءُ فِي مَوْقِعِهِ الْجَوَابُ، أَمَّا قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لا زكاة على مالٍ حتى يحول عليه الْحَوْلُ " فَالْمُرَادُ بِهِ نَفْيُ الْوُجُوبِ دُونَ الْإِجْزَاءِ بِدَلِيلِ مَا مَضَى.

وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الزَّرْعِ وَالثِّمَارِ، فَقَدْ كَانَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هريرة يجمع بينهما، ويجيز تعجيل زكاة الزروع وَالثِّمَارِ إِذَا عَلِمَ أَنَّ فِيهَا عَلَى غَالِبِ الْعَادَةِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، وَكَانَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ يَمْنَعُ مِنْ تَعْجِيلِ زَكَاتِهَا وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا بِشَيْئَيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>