مِنْهَا شَاةً إِذَا قِيلَ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْعَيْنِ، فَإِذَا أَعْطَتْ بَدَلَ تِلْكَ الشَّاةِ مِنْ مَالِهَا فَقَدِ اسْتَحْدَثَتْ مِلْكَهَا بِغَيْرِ صَدَاقٍ فَلَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ الرُّجُوعُ بِنِصْفِهَا، كَالْأَبِ إِذَا وَهَبَ لِابْنِهِ مَالًا فَبَاعَهُ ثُمَّ ابْتَاعَهُ لَمْ يَرْجِعِ الْأَبُ بِهِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ:
قِيلَ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأَبَ يَرْجِعُ بِمَا وَهَبَ إِنْ كَانَ مَوْجُودًا وَلَا يَرْجِعُ بِبَدَلِهِ إِنْ كَانَ تَالِفًا، وَبَيْعُ الِابْنِ إِتْلَافٌ يُبْطِلُ الرُّجُوعَ، وَابْتِيَاعُهُ اسْتِحْدَاثُ مِلْكٍ فَلَمْ يُوجِبِ الرُّجُوعَ وَلِلزَّوْجِ أَنْ يرجع بما أصدق إن كان موجوداً، وببدله إِنْ كَانَ تَالِفًا، فَإِذَا كَانَتِ الْعَيْنُ مَوْجُودَةً وَالرُّجُوعُ لَمْ يَبْطُلْ كَانَ الرُّجُوعُ بِهَا أَوْلَى مِنَ الْعُدُولِ إِلَى بَدَلِهَا.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ قَدْ أَدَّتِ الزَّكَاةَ مِنْهَا، فَطَلَّقَ الزوج وهي تسعة وَثَلَاثُونَ شَاةً، فَفِي كَيْفِيَّةِ رُجُوعِ الزَّوْجِ ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ
أَحَدُهَا: أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الْمَوْجُودِ بِقِيمَةِ نِصْفِ الْأَرْبَعِينَ، وَهُوَ الَّذِي نَقَلَهُ الْمُزَنِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ لِأَنَّ الرُّجُوعَ إِلَى الْقِيمَةِ طَرِيقُهُ الِاجْتِهَادُ، فَإِذَا أَمْكَنَ الرُّجُوعُ إِلَى الْعَيْنِ وَأَخَذَ نِصْفَ الصَّدَاقِ مِنْهَا فَلَا مَعْنَى لِلِاجْتِهَادِ وَالْعُدُولِ إِلَى الْقِيمَةِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الْمَوْجُودِ وَنِصْفِ قِيمَةِ الشَّاةِ التَّالِفَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ مِنَ " الْأُمِّ " لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ جَمِيعُ الصَّدَاقِ مَوْجُودًا رَجَعَ بِنِصْفِهِ، وَلَوْ كَانَ تَالِفًا رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ، فَوَجَبَ إِذَا كَانَ بَعْضُهُ مَوْجُودًا وَبَعْضُهُ تَالِفًا أَنْ يَعْتَبِرَ حُكْمَ مَا كَانَ مَوْجُودًا بِحُكْمِهِ عَلَى الِانْفِرَادِ فَيَرْجِعُ بِنِصْفِهِ، وَحُكْمُ مَا كَانَ مِنْهُ تَالِفًا بِحُكْمِهِ عَلَى الِانْفِرَادِ فَيَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: إِنَّهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الرُّجُوعِ بِنِصْفِ الْمَوْجُودِ ونصف قِيمَةِ التَّالِفِ، وَبَيْنَ أَنْ يَعْدِلَ عَنْ نِصْفِ الْمَوْجُودِ وَيَأْخُذَ نِصْفَ قِيمَةِ الْجَمِيعِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ، وَإِنَّمَا كَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ ذَلِكَ، لِأَنَّ فِي رُجُوعِهِ بِنِصْفِ الْمَوْجُودِ وَنِصْفِ قِيمَةِ التَّالِفِ تَفْرِيقًا لِصَفْقَتِهِ، فَصَارَ ذَلِكَ عَيْبًا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ زَكَاتُهَا بَاقِيَةً لَمْ تُخْرِجْهَا بَعْدُ فَيُمْنَعَانِ مِنَ الْقِسْمَةِ حَتَّى تُخْرِجَ عَنْهَا الزَّكَاةَ، لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمَسَاكِينِ بِهَا، فَإِنْ أَخْرَجَتْ زَكَاتَهَا مِنْ غَيْرِهَا اقتسماها على ما مضى، فإن أَخْرَجَتْ زَكَاتَهَا مِنْهَا كَانَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، وَإِنِ اقْتَسَمَاهَا قَبْلَ إِخْرَاجِ زَكَاتِهَا فَفِي الْقِسْمَةِ وَجْهَانِ مُخَرَّجَانِ مِنِ اخْتِلَافِ قَوْلِهِ فِي الزَّكَاةِ هَلْ وَجَبَتْ فِي الذِّمَّةِ أَوْ فِي الْعَيْنِ؟
أَحَدُهُمَا: الْقِسْمَةُ بَاطِلَةٌ، إِذَا قِيلَ بِوُجُوبِهَا فِي الْعَيْنِ، لِأَنَّ الْمَسَاكِينَ شُرَكَاءُ بِقَدْرِ الزَّكَاةِ، وَإِذَا اقْتَسَمَ شَرِيكَانِ مِنْ ثَلَاثَةٍ لَمْ تَصِحَّ الْقِسْمَةُ، فَعَلَى هَذَا يُوقَفُ أَمْرُهَا حَتَّى تُؤَدَّى زَكَاتُهَا، وَيَكُونُ الْحُكْمُ فِيهَا عَلَى مَا مَضَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute