ينفذهم لخرص الثمار، منهم حويصة، ومحيصة، وسهل بن أبي حثمة وَعَتَّابُ بْنُ أُسَيْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وأبي بردة وابن عمر، وَقِيلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَيْضًا فَكَانُوا يَتَوَجَّهُونَ لِخَرْصِ الثِّمَارِ امْتِثَالًا لِأَمْرِهِ وَاتِّبَاعًا لِرَسْمِهِ، وَرَوَى سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال " إذا خرصتم فدعو لَهُمُ الثُّلُثَ، فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا لَهُمُ الثُلُثَ فَدَعُوا لَهُمُ الرُّبُعَ " وَفِيهِ تَأْوِيلَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ تأويل الشافعي في القديم أنه يُتْرَكَ لَهُمُ الثُّلُثُ أَوِ الرُّبُعُ مِنَ الزَّكَاةِ لِيَتَوَلَّوْا إِخْرَاجَهُ فِي فُقَرَاءِ جِيرَانِهِمْ، بَلْ قَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنَّهُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فَإِنَّ فِي الْمَالِ الْوَصِيَّةَ وَالْعَرِيَّةَ ".
وَالثَّانِي: أَنْ يُخْرَصَ عَلَيْهِمْ جَمِيعُهُ ثُمَّ يُدْفَعُ إِلَيْهِمُ الثُّلُثُ أَوِ الرُّبُعُ لِيَتَصَرَّفُوا فِيهِ وَيَأْكُلُوهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْجَدِيدِ.
وَرَوَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كان يقول للخراص: " إذا بعثتم احْتَاطُوا لِأَهْلِ الْأَمْوَالِ فِي النَّائِبَةِ وَالْوَاطِئَةِ وَمَا يَجِبُ فِي الثَمَرَةِ مِنَ الْحَقِّ " وَفِي النَّائِبَةِ تأويلان:
أحدهما: الأصناف.
وَالثَّانِي: مَا يَنُوبُ الْأَمْوَالَ مِنَ الْجَوَائِحِ.
وَفِي الْوَاطِئَةِ ثَلَاثَةُ تَأْوِيلَاتٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الْوَاطِئَةَ الْمَارَّةُ وَالسَّابِلَةُ، سُمُّوا بِذَلِكَ لِوَطْئِهِمِ الطَّرِيقَ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ قُتَيْبَةَ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْوَاطِئَةَ سُقَاطَةُ الثَّمَرِ وَمَا يَقَعُ مِنْهُ فِي الْأَرْضِ فَيُوطَأُ، حَكَاهُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ وَاخْتَارَهُ.
وَالثَّالِثُ: إِنَّهَا الْوَطَايَا واحدها وطية، وهي تجري مجرى العرية، وسميت وطئة، لِأَنَّ صَاحِبَهَا وَطَّأَهَا لِنَفْسِهِ أَوْ لِأَهْلِهِ، فَلَا تَدْخُلُ فِي الْخَرْصِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ الضَّرِيرِ.
وَرَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ إِلَى خَيْبَرَ خَارِصًا فَخَرَصَ أَرْبَعِينَ أَلْفَ وَسْقٍ، ثُمَّ خَيَّرَ الْيَهُودَ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذُوهُ وَيَدْفَعُوا عِشْرِينَ أَلْفَ وَسْقٍ وَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذَهُ وَيَدْفَعَ إِلَيْهِمْ عِشْرِينَ أَلْفَ وَسْقٍ، فَقَالُوا هَذَا هُوَ الْحَقُّ وَبِهِ قامت السموات والأرض.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute