لَيْسَ فِيهَا إِذَا تَمَّتْ خِيَارُ مَجْلِسٍ وَلَا خِيَارُ شَرْطٍ.
فَإِنْ شُرِطَ فِيهَا أَحَدُ الْخِيَارَيْنِ، بَطَلَتْ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: مَا لَا يَدْخُلُهُ خِيَارُ الشَّرْطِ. وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي دُخُولِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ فِيهِ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ عُقُودٍ:
الْإِجَازَةُ، وَالْمُسَاقَاةُ، وَالْحِوَالَةُ.
وَهَلْ تَبْطُلُ بِاشْتِرَاطِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا لَا يَدْخُلُهُ خِيَارُ الشَّرْطِ وَيَدْخُلُهُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ قَوْلًا وَاحِدًا: وَهُوَ مَا كَانَ الْقَبْضُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ شَرْطًا فِي صِحَّتِهِ، وَذَلِكَ عَقْدَانِ:
الْمَصْرِفُ، وَالسَّلَمُ.
فَإِنْ شُرِطَ فِيهَا خِيَارُ الثَّلَاثِ بَطَلَا.
وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: مَا يَدْخُلُهُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ بِغَيْرِ شَرْطٍ، وَخِيَارُ الثَّلَاثِ بِالشَّرْطِ.
وَهُوَ سَائِرُ عُقُودِ الْبِيَاعَاتِ.
يَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ بِالْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ.
وَبِمَذْهَبِنَا فِي ثُبُوتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ فِي سَائِرِ الْبِيَاعَاتِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ: عُثْمَانُ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ.
وَمِنَ التَّابِعِينَ: شُرَيْحٌ، وَابْنُ الْمُسَيَّبِ، وَالْحَسَنُ، وَعَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ.
وَمِنَ الْفُقَهَاءِ: الزُّهْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ.
وَقَالَ أبو حنيفة، وَمَالُكٌ: الْبَيْعُ لَازِمٌ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَلَا يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ بِحَالٍ.
اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: ٢٨٢] ، فَنَدَبَ إِلَى الْإِشْهَادِ عَلَى الْبَيْعِ، لِأَجْلِ الِاسْتِيثَاقِ فِيهِ، فَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا الْفَسْخُ بَعْدَ الْعَقْدِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، لَمْ يَحْصُلِ الِاسْتِيثَاقُ، وَلَبَطَلَتْ فَائِدَةُ الْإِشْهَادِ. وَبِرِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَفْقَةَ خِيَارٍ، فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ ". وَلَوْ جَازَ لِأَحَدِهِمَا الْفَسْخُ مِنْ غَيْرِ اسْتِقَالَةٍ لَمْ يَكُنْ لِنَهْيِهِ عَنِ الِافْتِرَاقِ خَشْيَةَ الِاسْتِقَالَةِ مَعْنًى، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْفَسْخَ لَا يَسْتَحِقُّ إِلَّا بِالِاسْتِقَالَةِ.
وَبِمَا رَوَى عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " الْبَيْعُ عَنْ صَفْقَةٍ أَوْ خيار ".