للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى الْمَبِيعِ إِذَا حَبَسَهُ الْبَائِعُ عَلَى ثَمَنِهِ فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ لِأَنَّ عِنْدَنَا أَنَّ الْبَائِعَ إِذَا حَبَسَ الْمَبِيعَ لِاسْتِيفَاءِ ثَمَنِهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ حَبْسُ النَّمَاءِ الْحَادِثِ بَعْدَ مَبِيعِهِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى الْبَيْعِ فَدَلِيلُنَا أَنَّهُ يُوجِبُ كَوْنَ النَّمَاءِ لِمَالِكِ الْأَصْلِ، لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ مَلَكَ الْأَصْلَ، كَذَلِكَ الرَّهْنُ لَمَّا كَانَ عَلَى مِلْكِ الرَّاهِنِ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ خَالِصًا لِلرَّاهِنِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى الْكِتَابَةِ بِعِلَّةِ أَنَّهُ عَقْدٌ يُفْضِي إِلَى زَوَالِ الْمِلْكِ فَمِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: مَنْعُ الْوَصْفِ بِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى زَوَالِ الْمِلْكِ، لِأَنَّ الْكِتَابَةَ وَإِنْ أَفْضَتْ إِلَى زَوَالِ الْمِلْكِ فَالرَّهْنُ لَا يُفْضِي إِلَى زَوَالِ الْمِلْكِ، لِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى اسْتِيفَائِهِ وَثِيقَةً لِمُرْتَهِنِهِ وَإِنْ طَالَتِ الْمُدَّةُ، وَإِنَّمَا بَيْعُهُ يُفْضِي إِلَى زَوَالِ الْمِلْكِ.

وَالْجَوَابُ الثَّانِي: أَنَّهُ وَإِنْ سَلِمَ لَهُمُ الْوَصْفُ، فَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَوْقُوفٌ لَا يَتْبَعُهَا وَكَذَا وَلَدُ الْمُدَبَّرَةِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ حُكْمَهُ مُعْتَبَرٌ بِحُكْمِ أُمِّهِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ، فَإِنْ عُتِقَتِ الْمُكَاتَبَةُ بِالْأَدَاءِ وَالْمُدَبَّرَةُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ، عُتِقَ وَلَدُهُمَا وَإِنْ عَجَزَتْ وَرَقَّتْ رَقَّ وَلَدُهَا فَإِنْ قِيلَ لَا يَتْبَعُهَا سَقَطَ السُّؤَالُ.

وَإِنْ قِيلَ يَتْبَعُهَا فَهُوَ لَيْسَ يَتْبَعُهَا فِي الْكِتَابَةِ وَإِنَّمَا يَتْبَعُهَا فِي الْحُرِّيَّةِ، فَلَمْ يَسْلَمْ لَهُمُ الْحُكْمُ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ وَلَدَ الْمَرْهُونَةِ دَاخِلٌ فِي الرَّهْنِ، وَوَلَدُ الْمُكَاتَبَةِ قَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْكِتَابَةِ.

وَالْجَوَابُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْمُكَاتَبَةَ لَمَّا تَبِعَهَا كَسْبُهَا تَبِعَهَا وَلَدُهَا وَالرَّهْنُ لَمَّا لَمْ يَتْبَعْهُ الْكَسْبُ لَمْ يَتْبَعْهُ الْوَلَدُ وَالْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ فِي أَنَّ وَلَدَهَا مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ يَتْبَعُهَا فِي الْعِتْقِ بِمَوْتِ السَّيِّدِ فَالْقِيَاسُ مُنْتَقَضٌ بِوَلَدِ الْجَانِيَةِ.

ثُمَّ الْمَعْنَى أَنَّ سَبَبَ حُرِّيَّتِهَا مُسْتَقِرٌّ اسْتِقْرَارًا يَمْنَعُ مِنْ إِزَالَتِهِ، فَجَازَ أَنْ يَسْرِيَ إِلَى الْوَلَدِ لِقُوَّتِهِ وَالرَّهْنُ لَا يَسْتَقِرُّ اسْتِقْرَارًا يَمْنَعُ مِنْ إِزَالَتِهِ، فَلَمْ يَسْرِ إِلَى الْوَلَدِ لِضَعْفِهِ، وَأَمَّا الْمُدَبَّرَةُ فَهَلْ يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا أَمْ لَا، عَلَى قَوْلَيْنِ، وَأَمَّا الْمُكَاتَبَةُ فَلَا يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا فِي الْكِتَابَةِ وَلَكِنْ هَلْ يَثْبُتُ لَهُ ... حُكْمُهَا أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: وَأَمَّا نِتَاجُ الْمَاشِيَةِ، فَإِنَّمَا كَانَ تَبَعًا لِلْأُمَّهَاتِ فِي حَوْلِ الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ لَمَّا ارْتَفَقَ أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ بِالرِّبَا وَالْمَاخِضِ ارْتَفَقَ الْمَسَاكِينُ بِحَوْلِ السِّخَالِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الرَّهْنُ، فَأَمَّا وَلَدُ الْمُوصَى بِهَا، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي لَمْ يَتْبَعْهَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْقَبُولِ تَبِعَهَا لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ فَعَلَى قَوْلَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>