العيب في المنكوحة من كتاب نكاح الجديد ومن النكاح القديم ومن النكاح والطلاق إملاءً على مسائل مالكٍ، وغير ذلك
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " أخبرنا مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب أنه قال قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَيُّمَا رجلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَبِهَا جُنُونٌ أَوْ جذامٌ أَوْ برصٌ فَمَسَّهَا فَلَهَا صَدَاقُهَا وَذَلِكَ لزوجها غرمٌ على وليها وَقَالَ أَبُو الشَّعْثَاءِ: أَرْبَعٌ لَا يَجُزْنَ فِي النكاح إلا أن تسمى: الْجُنُونُ، وَالْجُذَامُ، وَالْبَرَصُ، وَالْقَرَنُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ النِّكَاحَ يُفْسَخُ بِالْعُيُوبِ، وَالْعُيُوبُ الَّتِي يُفْسَخُ بِهَا النِّكَاحُ تُسْتَحَقُّ مِنَ الْجِهَتَيْنِ فَيَسْتَحِقُّهَا الزَّوْجُ إذا وجدت بِالزَّوْجَةِ، وَهِيَ خَمْسَةُ عُيُوبٍ: الْجُنُونُ، وَالْجُذَامُ، وَالْبَرَصُ، وَالْقَرَنُ، وَالرَّتْقُ، وَتَسْتَحِقُّهَا الزَّوْجَةُ إِذَا وَجَدَتْهَا بِالزَّوْجِ، وَهِيَ خَمْسَةٌ الْجُنُونُ، وَالْجُذَامُ، وَالْبَرَصُ، وَالْجَبُّ، وَالْعُنَّةُ، فَيَشْتَرِكَانِ فِي الْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ، وَالْبَرَصِ، وَتَخْتَصُّ الزَّوْجَةُ بِالْقَرَنِ، وَالرَّتْقِ، وَيَخْتَصُّ الزَّوْجُ بِالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ، وَلَا يُفْسَخُ نِكَاحُهُمَا بِغَيْرِ هَذِهِ الْعُيُوبِ، مِنْ عَمَى أو زمانة، أو قبح أو غيره.
وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ عُمَرُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ.
وَمِنَ التَّابِعِينَ: أَبُو الشَّعْثَاءِ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ.
وَمِنَ الْفُقَهَاءِ: الْأَوْزَاعِيُّ، وَمَالِكٌ. وَقَالَ أبو حنيفة: لَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَفْسَخَ النِّكَاحَ بِشَيْءٍ مِنَ الْعُيُوبِ، وَلَا لِلْمَرْأَةِ أَنَّ تَفْسَخَ إِلَّا بِالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ دُونَ الْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ، وَبِأَنْ لَا يُفْسَخَ النِّكَاحُ بِعَيْبٍ.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وقال أبو الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: لِلزَّوْجَةِ أَنَّ تَفْسَخَ بِهَذِهِ الْعُيُوبِ فِي الزَّوْجِ، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَفْسَخَ بِهَا، لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ وَاسْتَدَلَّ مَنْ نَصَرَ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ بِأَنْ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي النِّكَاحِ هُوَ الِاسْتِبَاحَةُ وَلَيْسَ فِي الِاسْتِبَاحَةِ عَيْبٌ، وَإِنَّمَا الْعَيْبُ فِي الْمُسْتَبِيحَةِ فلم يشتبه خيار إسلامه الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ قَالَ: وَلِأَنَّهُ عَيْبٌ فِي الْمَنْكُوحَةِ فلم يفسخ نكاحها قِيَاسًا عَلَى مَا سِوَى الْعُيُوبِ الْخَمْسَةِ قَالَ: وَلِأَنَّ كُلَّ عَقْدٍ لَمْ يُفْسَخْ بِنُقْصَانِ الْأَجْزَاءِ لَمْ يُفْسَخْ بِتَغَيُّرِ الصِّفَاتِ كَالْهِبَةِ طَرْدًا وَالْبُيُوعِ عَكْسًا.
قَالَ: وَلِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ إِنْ جَرَى مَجْرَى عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ كَالْبُيُوعِ وَجَبَ أَنْ يُفْسَخَ بِكُلِّ عَيْبٍ، وَإِنْ جَرَى مَجْرَى غَيْرِهَا مِنْ عُقُودِ الْهِبَاتِ وَالصِّلَاتِ وَجَبَ أَنْ لَا يُفْسَخَ بعيب، وفي إجماعهم على أن لَا يُفْسَخُ بِكُلِّ الْعُيُوبِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ بِشَيْءٍ مِنَ الْعُيُوبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute