الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ، فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ خَرَّجَهُ قَوْلًا ثَانِيًا وَأَنْكَرَهُ جُمْهُورُهُمْ أَنْ يَكُونَ قَوْلًا مَحْكِيًّا عَنْهُ؛ لِأَنَّ الزَّعْفَرَانِيَّ وَهُوَ أَثْبَتُ أَصْحَابِ الْقَدِيمِ حَكَى عَنْهُ لِلْمَغْرِبِ وَقْتًا وَاحِدًا.
وَاسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ بِالْوَقْتَيْنِ بِرِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " وَقْتُ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَسْقُطْ نُورُ الشَّفَقِ " وَبِرِوَايَةِ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَّى الْمَغْرِبَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حِينَ غَرَبَتِ الشَمْسُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّانِي حِينَ غَابَ الشَّفَقُ " وَبِرِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنَّ لِلصَّلَاةِ أَوَّلًا وَآخِرًا وَإِنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْمَغْرِبِ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَآخِرَهُ حِينَ يَغِيبُ [الشَّفَقُ] ". وَبِرِوَايَةِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَرَأَ الْأَعْرَافَ فِي الْمَغْرِبِ " وَلَا يُمْكِنُ قِرَاءَتُهَا مَعَ طُولِهَا إِلَّا مَعَ طَوِيلِ الزَّمَانِ فَدَلَّ عَلَى طُولِ الْمَغْرِبِ، وَلِأَنَّهَا صَلَاةُ فَرْضٍ فَجَازَ أَنْ تَكُونَ ذَاتَ وَقْتَيْنِ كَسَائِرِ الْمَفْرُوضَاتِ، وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ تُجْمَعُ إِلَى غَيْرِهَا فَوَجَبَ أَنْ يَتَّصِلَ وَقْتُهَا بِوَقْتِ مَا يُجْمَعُ إِلَيْهَا، كَالظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ، وَلِأَنَّ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ تَجِبُ عَلَى الصَّبِيِّ إِذَا بَلَغَ، وَالْحَائِضِ إِذَا طَهُرَتْ، وَالْكَافِرِ إِذَا أَسْلَمَ قَبْلَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ، فَلَوْلَا أَنَّهُ وَقْتُهَا مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ فَرْضُهَا اعْتِبَارًا لِأَوَّلِ وَقْتِهَا.
وَدَلِيلُنَا حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَمَّنِي جِبْرِيلُ فَصَلَّى بِيَ الْمَغْرِبَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ ثُمَ صَلَّى بِيَ الْمَغْرِبَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي لِلْقَدْرِ الْأَوَّلِ لَمْ يُؤَخِّرْهَا ".
وَحَدِيثُ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِينَ بَيَّنَ الْأَوْقَاتَ لِلسَّائِلِ صَلَّى الْمَغْرِبَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ وَفِي الْيَوْمِ الثَّانِي لِوَقْتِهَا بِالْأَمْسِ.
وَرَوَى مَخْرَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " أَمَّنِي جِبْرِيلُ ظُهْرَيْنِ وَعَصْرَيْنِ وَعِشَاءَيْنِ فَقَدَّمَ وَأَخَّرَ، وَالْمَغْرِبَ لِوَقْتٍ وَاحِدٍ ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute