للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَوَى سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمَّا لَاعَنَ بَيْنَ عُوَيْمِرٍ الْعَجْلَانِيِّ وَامْرَأَتِهِ قَالَ: كَذَبْتَ عَلَيْهَا إِنْ أَمْسَكْتَهَا، هِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا.

فَلَوْ كَانَ الْجَمْعُ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالثَّلَاثِ مُحَرَّمًا لأبانه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَنْكَرَهُ، لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ عَلَى مُنْكَرٍ.

وَرُوِيَ أَنَّ رُكَانَةَ بْنَ عَبْدِ يَزِيدَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ. فَأَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِذَلِكَ فَقَالَ: مَا أَرَدْتَ بِالْبَتَّةِ قَالَ وَاحِدَةً فَأَحْلَفَهُ أَنَّهُ مَا أَرَادَ أَكْثَرَ مِنْهَا فَدَلَّ عَلَى وُقُوعِ الثَّلَاثِ لَوْ أَرَادَهَا مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ.

وَرَوَى سَلَمَةُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ حَفْصَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْمُغِيرَةِ طَلَّقَ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ ثَلَاثًا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ. فَلَمْ يُنْكِرْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

وَإِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ طَلَّقَ تُمَاضِرَ بِنْتَ الْإِصْبَغِ الْكَلْبِيَّةَ ثَلَاثًا فِي مَرَضِهِ فَلَمْ يُنْكِرْهُ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ، وَتُمَاضِرُ هِيَ أُمُّ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَدَلَّ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمِنَ الصَّحَابَةِ بَعْدَهُ عَلَى إِبَاحَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الثَّلَاثِ، وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّ امْرَأَتَهُ عَائِشَةَ الْخَثْعَمِيَّةَ قَالَتْ لَهُ بَعْدَ قَتْلِ أَبِيهِ: لِتَهْنِكَ الْخِلَافَةُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ لها: أو يقتل أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَتَشْمَتِينَ اذْهَبِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَاكَ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فَدَلَّ عَلَى إِبَاحَتِهِ عِنْدَهُمْ.

وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ مِائَةَ طَلْقَةٍ فَقَالَ: ثَلَاثَةٌ لَهَا وَأَقْسَمَ الْبَاقِي عَلَى نِسَائِهَا.

وَمِنَ الْقِيَاسِ أنَّهُ طَلَاقٌ وَقَعَ فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا كَالطَّلْقَةِ الْأُولَى، وَلِأَنَّ كُلَّ طَلَاقٍ جَازَ تَفْرِيقُهُ جَازَ جَمْعُهُ. أَصْلُهُ طَلَاقُ الزَّوْجَاتِ يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَهُنَّ فِي الطَّلَاقِ وَأَنْ يُفَرِّقَهُنَّ.

وَلِأَنَّ كُلَّ طَلَاقٍ جَازَ تَفْرِيقُهُ فِي الْأَطْهَارِ جَازَ إِيقَاعُهُ فِي طُهْرٍ. أَصْلُهُ إِذَا طَلَّقَ فِي طُهْرٍ ثُمَّ رَاجَعَ فِيهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا فيه ثم راجع وثم طَلَّقَهَا فِيهِ ثُمَّ رَاجَعَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>